ذهلت من أعداد الأشخاص الهائلة التي اتفقت على تخريب بلادنا، وتحالفت على تدمير شبابنا من مهربي المخدرات! ودهشت من المخابئ السرية التي أخفوا فيها تلك المخدرات بأنواعها حيث تم دس بعضها داخل خشب السمر! وأعجبت وصفقت لصقور الداخلية الذين أحبطوا بمساعدة رجال الجمارك ترويج مخدرات تزيد قيمتها عن مليار وأربعمائة مليون ريال، وأخمدوا شرَّ 478 مهرباً، فقبضوا على 241 مواطناً و237 وافداً من جنسيات مختلفة. وفي المقابل خسر الوطن ثلاثة من جنوده البواسل وتعرَّض 28 منهم لإصابات مختلفة، فيما نتجت عن المهام مقتل ثلاثة وإصابة ثلاثة آخرين من المهربين والمروجين. ونسأل الله أن يتغمد برحمته وغفرانه رجال الأمن الذين استشهدوا خلال تنفيذ مهامهم للقبض على المخربين، وأن يبارك في جهود الباقين، ويقوي عزائمهم، ويشد من أزرهم. ونحمد الله أن هيأ لنا من رجال الأمن جنوداً مخلصين لوطنهم يسهرون على أمننا، ويبذلون أرواحهم فداء لراحتنا ومَن يعيش على أرضنا الحبيبة.
وهذه المضبوطات تشير لشراسة المعركة مع أعداء بلادنا، ومدى حرصهم على تحطيم مكتسباته بهذه الآفة المدمرة. فهذه السموم هي ذاتها التي دمرت شبابنا سواعد الوطن الفتية بخداعهم بقدرتها على تقوية أجسامهم وهي تهدمها، ونسيان همومهم وهي تؤجلها، وتعديل أمزجتهم وهي تقلبها، وهذه الآفة عينها هي التي هدمت بيوتا معمورة بالاستقرار فقضت على مواردها الاقتصادية وأبعدت عائلها عن المسؤولية، وشتّتت أسراً مسكونة بالدفء وكسرت قلوبا مملوءة بالتفاؤل. فهي بذلك تقويض لأركان الدين ودمار لفكر الشعوب وصحتها، وهلاك لأمن الأوطان واقتصادها.
وإني لأرتئي بوزارة الداخلية التي عودتنا على الحزم والحسم أن تضرب بيد من حديد على قوى النشاطات الإجرامية بإعدام جميع المقبوض عليهم في هذه القضايا وضبط المتورطين فيها ومتابعة مستقبليها من قوى الشر الخفية حماية لأبناء الوطن من آفة المخدرات ومصداقاً لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
الجميل أن وزارة الداخلية لم تكتف بالضبط والمداهمة والمتابعة بل لجأت إلى الأساليب الحضارية الأخرى كالتوجيه والإرشاد والتوعية، فشرعت بإنشاء ثلاثة مواقع إلكترونية تستهدف خمسة ملايين طالب وطالبة، ومائة وعشرين ألف مبتعث ومبتعثة للتوعية بأضرار ومخاطر المخدرات. ولعل هذه المواقع الجديدة تساهم في إيقاظ شبابنا المخدوع وتساعد على التصدي لتجار السموم، وتكشف مخططاتهم وتظهر مكنوناتهم وتكف شرورهم.
والأمل مناط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمتابعة السوق الداخلي بكل دقة وسبر أسراره الدفينة في ترويج هذه السموم والشراكة مع الجهات المختصة في الكشف الدوري بالتحليل المخبري على الموظفين في القطاعات الحكومية والخاصة وطالبي العمل من العاطلين وطلاب التعليم العام والعالي وربات البيوت لتتم محاصرتها واقتلاعها من جذورها؛ لتسلم الأوطان وتتطهر الأبدان وتصفو النفوس؛ لنقوم سوياً ببناء وطن يستحق أن يشيده الأصحاء والمخلصون من أبنائه.