يُقَسِّم علماء الاجتماع المُجتمع إلى ثلاث فئات (طبقات): الأغنياء، ومتوسطي الدخل، والفقراء. تشمل فئة الأغنياء من لديهم مُدخرات كبيرة ويتمتعون بمستوى معيشي مرتفع ومستقر. وتشمل الفئة المتوسطة من ينطبق عليهم المعيار التالي: (لا غنى يُطغي ولا فقر يُلهي) فهم يتمتعون بدخل مُرتفع ومستوى معيشي رخي يشمل الضروريات وقدراً معقولاً من وسائل الترف. أما فئة الفقراء فتشمل باقي أفراد المجتمع ممن يعيشون على حافة المجاعة ويواجهون خطر انقطاع الدخل وفقدان المأوى ولا ينالون الرعاية الصحية الكافية. تشترك فئة الأغنياء وفئة الفقراء في خاصية الانغماس في العمل وإهمال الأسرة. وتشتركان أيضاً في أنهما في الغالب تُمثلان مصدر الخطر على استقرار المجتمع. فالأغنياء (المترفون) مُنشغلون في منافسة ظارية مع بعضهم سواءً على اكتناز الذهب والفضة، أو لكسب منافسات أخرى من المجد الدنيوي النسبي. وقد يُعميهم التنافس عن المخاطر التي تُحيق بالمجتمع أو قد يكون هذا التنافس هو مصدر الخطر على المُجتمع، كما حدث في تونس ومصر وأفضى للتطورات الحالية. قال الله عز وجل: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (16) سورة الإسراء. وقد صور فيلم (تايتنك) هذه الظاهرة الأزلية تصويراً رائعاً عندما قسَّم السفينة إلى ثلاث فئات: الفقراء المتزاحمون في مساحة ضيقة في آخر السفينة، ثم متوسطي الحال في الوسط، ثم المُترفين الذين يحتلون مكاناً واسعاً في مُقدمة السفينة ومن بينهم مالك السفينة والقبطان، وكانوا مُنغمسين في اللهو والمجون، وما إن لعبت الخمر في رأس مالك السفينة حتى أمر القبطان بإطلاق العنان للمحركات البخارية كي تسير السفينة بأقصى سرعتها، فحذره القبطان من وجود جبال جليدية طافية في المنطقة لكن مالك السفينة نهره قائلاً: (أُريد أن نصل إلى نيويورك قبل طباعة صحف يوم الثلاثاء كي يضعوا صورتي في الصفحات الأولى كمالك أسرع وأكبر سفينة في التاريخ بعد سفينة نوح). وعندما واجهت السفينة جبلاً جليدياً لم تتمكن من تفادية فاصطدمت به وتحطمت وغرق الجميع (ما عدا بطلة الفيلم!). أما فئة الفقراء فإنهم يُمثلون الوجه الآخر من العُملة؛ فهم يكدحون الساعات الطويلة لتوفير وسائل البقاء لأولادهم، وليس لديهم ما يفقدونه، ويشعرون دائماً بالغبن تجاه المُترفين الذين يرون أنهم استولوا على جهدهم ومالهم بوسائل غير قانونية أو بحرفهم القوانين لخدمة مصالحهم فقط. وبين هاتين الفئتين تأتي الفئة المُتوسطة المُستقرة مادياً ونفسياً وأُسرياً، والتي تُمثل صمام الأمان أمام انفجار فئة الفقراء وانهيار المجتمع. ولذا يُعد توسع هذه الفئة أو انحسارها مقياساً مهماً لتحديد درجة الأمان الاجتماعي والتنبؤ بالمخاطر السياسية.