انطلقت المسيرة التعليمية في المملكة منذ عقود طويلة، وقد أنفقت الحكومة على الابتعاث للخارج وتشييد الجامعات ذات المواصفات العالمية المليارات من أجل تهيئة البنية التحتية للتعليم لتشكيل الفكر لأبناء المملكة للخروج من منطق الركام المعرفي إلى البناء الحضاري لغرض النهوض والوصول بهم إلى مصاف الدول الفاعلة التي تمتلك ثقافة ومعرفه وحضارة تؤثر على مسيرة هذا الكون وتوجهاته, ولكن المتتبع لواقع الحال يرى بأن بعض القائمين على مسيرة التعليم وضعوا كل شيء فوق بعضه بطريقة وضع الركام فوق بعضه لفترة طويلة دون تمحيص للمخرجات التعليمية, والدليل على ذلك أن أغلب المخرجات في وطننا الغالي لا تتلائم مع واقع العصر الحديث ولم تسهم في تحقيق التنمية وفق حاجات مجتمعنا, وواقع الجامعات في المملكة خلال الفترة الماضية يشير إلى أن هناك قصوراً في عملية التخطيط الإستراتيجي, وذلك لعدم توافق الرؤية والأهداف المرسومة من قبل القائمين على العملية التعليمية مع الرؤية والأهداف الإستراتيجية للمملكة, كما أن المتتبع لواقع الحال خلال هذه المرحلة يرى بأن هناك رجالا شمروا عن سواعدهم للنهوض بمسيرة التعليم في المملكة، بما يتواكب مع ما أنفق عليه من مليارات, ومع ما يتطلبه العصر الحديث من شتى العلوم المعرفية المختلفة, للنهوض بشباب المملكة في شتى المجالات في ظل الدعم اللامحدود الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين لوزارات التعليم, وذلك للنهوض بهذا الكيان لمصاف الدول المعرفية ولخلق أجيال واعية على مصائرها ومصائر أبنائها, ولهذا فإن كاتب المقالة يتمنى بأن يتم التغيير من خلال التخطيط الإستراتيجي المسبق الذي يوضح شكل المجتمع قبل الخوض في آليات التنفيذ والجزئيات, والتي توصل في نهاية المطاف إلى شكل الدولة ورجالها, وأن عليهم معرفة الأولويات !! والاستفاده من عقول ومفكري الأمة, لأن لدينا من الحجر والأبنية ما يكفينا, وجامعاتنا ولله الحمد أصبح لديها أجندة واضحة.. ماذا تريد؟ أي طالب تريد أن تخرج؟ أي موضوعات تريد أن يبحث فيها؟ وذلك لتوقف عصر ما كان يحلم به الطالب وهو موضوع تخرجه فقط!! لنكن شعباً مؤثراً وليس متأثراً وفاعلاً وليس متفاعلاً بما يجري حوله في ظل العولمة الإدماجية والانفتاح التكنولوجي الذي لا يعرف حدوداً جغرافية ولا سياسية ولا عقدية ولا تربوية ولا أخلاقية, معتمدين على الله عز وجل أولاً ثم مستنيرين بتجارب الأمم السابقة وحضاراتهم من أجل التنبؤ بشكل مستقبل المملكة وأبنائها, ليحققوا في نهاية المطاف مسألة (البناء الحضاري) وليس (الركام المعرفي) أو هدر الطاقات والبطالة المقنعة بلباس الجامعي, ولهذا حان وقت العمل قبل فوات الأوان كلنا جميعاً يداً بيد قلباً على قلب لرسم خارطة الطريق للنهوض المعنوي أولاً والمادي ثانياً, لكي نسهم في مساعدة القائمين على مسيرة التعليم ليتحملوا مسئوليتهم أمام (الله) أولاً ثم أمام (القيادة والشعب والتاريخ) للنهوض بمجتمعهم في شتى المجالات.