بدأت نتائج و(حسنات) المستشرقين الجدد الذين تدفقوا على المنطقة العربية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط؛ فقد شهدت العقود الماضية تدفق عدد من علماء الاجتماع السياسي وخبراء جمع المعلومات ولا نقول عنهم (جواسيس) والعياذ بالله، ولكن أولئك الخبراء يجمعون كل شيء عن العرب والشرق ليوظفوها ويستثمروها في رسم سياسات بلدهم.

جُهد هؤلاء المستشرقين الجدد الذين كان أغلبهم من الأمريكيين تمخض عن مشروع أسموه ب(الشراكة الديمقراطية) وصيغ هذا المشروع من عشر نقاط لنقل الديمقراطية أو لفرض الديمقراطية أو صبغ الشرق العربي بالفكر الغربي الديمقراطي وغلب المصالح على القيم، وأن تعمم الديمقراطية على هؤلاء العرب العصيّون على التحضر ومواكبة العصر.

الأمريكيون العمليون جداً في مثل هذه القضايا ترجموا هذا المشروع ضمن عشرة برامج هدفها جميعاً نشر وتعميم الديمقراطية، واختيرت مدينة تونس كمركز لتوجيه هذه البرامج التي بدأت في تعليم الديمقراطية من مرحلة الرضاعة، والمستهدفون شباب ونساء، والتركيز على نشر ثقافة المعلومات من خلال الاستفادة من توظيف الوسائط الاجتماعية لتعميم ونشر الثقافة الديمقراطية.

جُهد المستشرقين الجدد ومشروعهم لخدمة نشر الثقافة والقيم الغربية وبرامجهم تُرجمت على الأرض العربية بما نشهده الآن من ثورات وتغيرات لا نقول إنها -تلك الثورات- استهدفت وسعت إلى تطبيقات ما جاء بتلك البرامج، إلا أن الكثير من الناشطين الذين استهدفتهم تلك البرامج هم الذين يقودون عملية التغيير التي حصلت والتي ساهم المستشرقون الجدد في تأسيسها ونشر ثقافتها التي تتبناها الدول الغربية جميعاً وأولها أمريكا حتى لو تطلب ذلك الدعم العسكري.