تحاول بعض المؤسسات الحكومية رفع مستوى قيادييها، عبر دورات تأهيلية في مجال الجودة والتميّز الإداري. وتكون معظم نتائج هذه الدورات، هي «المشاوفة وطق السواليف» وتبادل الخبرات في مجال الأسهم والعقارات! وهذا راجع لتفوق هؤلاء القياديين على برامج أية دورة، مهما كانت معاييرها، أوروبية أو أمريكية أو يابانية. والدليل على نجاحاتهم أنهم يبقون في مناصبهم، على الرغم من تغيّر الوزراء. فكلما جاء وزير جديد، أجروا له عملية غسيل دماغ سريعة، وما هي إلا أيام، حتى تتحول أقوال الوزير التي كان يقولها قبل أن يدخل مبنى الوزارة مئة وثمانين درجة، بل إنه في غضون أشهر، تصير ملامح وجهه تشبه ملامح وجوههم، فلا تستطيع أن تميّز بينه وبينهم، وهل هذا الذي أمامك هو الوزير الجديد أو الوكيل القديم!
المفروض أن تكون هناك كاميرات للنقل المباشر الحي، في مكاتب هؤلاء الموظفين، لكي يتابع العالم كله عبقريتهم الإدارية، في جعل الأمور الإدارية محافظةً على مستواها البيروقراطي، على الرغم من القفزات الهائلة للتقنية الإدارية والمعلوماتية، وكيف أنهم لا يزالون متمسكين بالختم والإسطمبة، كتمسكهم بكراسيهم، فلا تخرج ورقة من مكاتبهم، حتى ولو ورقة مقاضي شخصية، إلا والختم عليها! وكيف أنهم يقضون ساعات طوالاً في مراجعة خطاب موجه إلى شركة الصيانة بخصوص إصلاح شباك المطبخ، لضمان وجود كل المصطلحات المفضلة فيه: سعادة، والموقر، وإيماءً، وأتشرف، وتقبلوا أطيب تحياتي!