بعد منجزات عالمات سعوديات في مجالات الطب والفيزياء والإحياء و.. و..، من ريم الطويرقي إلى غادة المطيري، ومن فاتن خورشيد إلى حياة سندي، ومن سميرة إسلام إلى إيمان المطيري، هويدا القثامي، ثريا التركي، هبة الدوسري وغيرهن ممن لم يضيء الإعلام تجاربهن الناجحة ومنجزاتهن المؤثرة على مستوى العالم، أقول بعد كل ذلك، لم نزل نعيق التحاق الطالبات في البعثات الخارجية بفرض شروط خاصة لا تفرض على الرجل، ولم نزل نستبعد المرأة من المشاركة في أولى تجاربنا الانتخابية، وذلك في المجالس البلدية، وكأنها شيء هامشي لا يستحق أن ننصت له أو نحترم صوته، ولم نزل نمنعها من حقها كمواطنة بالحصول على قرض من الصندوق العقاري إلا بشروط، أن تكون مطلقة أو أرملة، ولم نزل لا نعترف بنسبة البطالة المريعة التي تخص المرأة دون الرجل، لأن من بيننا من يرى أن المهم أن يعمل الشباب، لأنهم هم من سيفتح بيتًا ويتزوج ويقضي على العنوسة، رغم أن حالات كثيرة تكشف أن النساء العاملات هن من يصرف على بيوتهن، أيضًا بفعل الاستغلال من قبلنا نحن الرجال، لأننا لن نسكت عن تركها البيت والالتحاق بالوظيفة دون جباية!.
ما يؤرق أن تجد بعض النساء العالمات، واللاتي توفرت لهن فرصة تحقيق إنجازات باسم الوطن، قد تغريهن فرصة العمل هناك، لأنها هنا لن تحقق شيئًا، طالما أنها محرومة حتى من أن تصوّت، فصوت المرأة عورة أو لا لزوم له، صحيح أن بعضهن حظين بتكريم الدولة، وربما مناصب أو مواقع عمل مقبولة إلى حد ما، إلا أن ذلك لن يمنع هجرة العقول البشرية النسائية، ما لم يتحقق للمرأة ما تستحقه من تقدير.
قد يقول قائل، إن أمر الانتخابات غير مهم بالنسبة لقضايا المرأة المحورية، مثل حقها في التعليم والتوظيف، وهو أمر صحيح إلى حد كبير، لكن منحها حق التصويت واحترام حقها في الانتخاب، هو تقدير لمكانتها في المجتمع من جهة، وهو أيضًا الوصول إلى نتائج انتخابات عادلة، لأنها تمثل أكثر من نصف المجتمع، فإذا كان الإقبال على التصويت يعادل 50% ممن لهم حق التصويت، أي الرجال، وهي في نظري نسبة متفائلة جدًا، فإن ذلك يعني أن التصويت جاء من قبل 25% من المجتمع فقط!.
وحينما نتحدّث عن المرأة وحقوقها، فلسنا نبحث ما تحقق لدى الغرب، بل نحلم بما تحقق لها في التاريخ الإسلامي في مراحله المبكرة، ولسنا هنا نتحدث بشكل عاطفي محاولين أن ننصفها فحسب، بل نحاول أن ننصف المجتمع نفسه، بمعنى أن منحها الفرصة كما الرجل سيعود على المجتمع بالخير، وهو ما ظهر في أوامر ملكية جعلتها في مكانة المشارك في التنمية، من تنصيبها كنائب وزير ومدير جامعة وما قد يحدث في المستقبل القريب.
أعتقد أن حضور المرأة في الانتخابات كناخب أولاً، ثم كمرشح مستقبلاً، وحضورها في عضوية مجلس الشورى مستقبلاً، خاصة أن معظم مناقشات وقرارات المجلس تتعلّق بالأسرة، وهي كما نعرف محرك الأسرة وضابط إيقاعها نحو النجاح أو الفشل، سيجعل المجتمع يتّجه إلى وضعه الطبيعي.