لم نفاجأ بتعيين معالي الدكتوره هدى العميل مديرةً لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، لأن الأمر أصبح مقبولاً أن تعين امرأة في منصب معالي أو نائب وزير أو وكيل وزارة، وقد نالت مثل غيرها من صاحبات السعادة والمعالي مناصبهن بفضل جدارتهن وثقة ولاة الأمر فيهن. نبارك للدكتوره هدى ونسأل وزارة التعليم العالي وجامعاتنا: ها هي المرأة تعين صاحبة معالي مديرة جامعة من قبل ولاة الأمر فما الذي يمنع من تولي المرأة رئاسة القسم وعمادة الكلية ووكالة الجامعة؟ لماذا توجد كليات نسائية وعمداؤها رجال؟ لماذا تكون عضوات هيئة التدريس ببعض الأقسام الأغلبية ورغم ذلك لا يحق لهن رئاسة القسم الأكاديمي؟ بل لماذا بعض الأقسام لا تشارك عضوات هيئة التدريس في كثير من قراراتها؟
هل جامعة الأميرة نورة تحوي عضوات هيئة تدريس أكثر تميزاً من الجامعات الأخرى وبالتالي يوثق فيهن لإدارة الجامعة وكلياتها وأقسامها بينما عضوات هيئة التدريس في الجامعات الأخرى لا يوثق بهن أو هن غير مؤهلات للقيام بالأدوار القيادية الأكاديمية والإدارية؟
لا يوجد في نظام التعليم العالي أو الأنظمة الأخرى ذات العلاقة نص يميز بين الرجل والمرأة في تولي المناصب القيادية بالجامعات، أو في مشاركتهن مثلهن مثل الرجال في اتخاذ القرارات ذات العلاقة بمجالهن وهن صاحبات التأهيل المساوي لتأهيل الرجال، كما لا يوجد مانع اجتماعي أو شرعي في هذا الشأن على اعتبار أنه يسري على الجامعات ما يسري على غيرها من مؤسسات الوطن. بل أعتقد أن علماء الدين الموضوعيين سيسرهم تولي النساء مراكز قيادية في الجامعات تشرف وتمثل المرأة بالكليات والأقسام الأكاديمية والبحثية المتنوعة، فلماذا لا نرى مبادرات بارزة من الجامعات في هذا الشأن؟ هل هناك توجيهات لا نعلمها بعدم تعيين النساء في مجالس الجامعات أو وكالاتها؟
أعتقد أن الأمر يتعلق بمدراء الجامعات الذين يسيرون على نمط واحد في فلسفتهم ومدرستهم الإدارية، حيث لم نر أحدا منهم يبادر بكسر هذا (التابوه) الذي تجاوزته العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية، بما فيها جامعة الأميرة نورة التي تقودها امرأة برتبة صاحبة معالي، ووزارة التربية والتعليم التي وثقت في المرأة بتعيينها نائبة وزير، ومؤسسة التعليم الفني التي وثقت في المرأة بتعيينها وكيلة للمؤسسة وغيرها من المؤسسات التي لا يتسع المجال لذكرها كأمثلة بارزة لما منحته من ثقة للمرأة السعودية بتوليها المناصب القيادية العليا. وكأن منصب رئيسة القسم وعميدة الكلية ووكيلة الجامعة - في عرف أولئك المدراء- أكثر صعوبة وخطورة من منصب صاحبة المعالي أو صاحبة السعادة في المؤسسات الأخرى، ولا يجيده سوى الرجال..
البعض سيحتج بأن النساء غير مؤهلات لتولي مناصب قيادية، وهذه حجة لا تملك الدليل العلمي على مصداقيتها وهي حجة مردودة لأن التأهيل القيادي لا يأتي من فراغ بل بمنح الثقة في المرأة للتدرج في المناصب مثل ما تمنح الثقة للرجل. جامعاتنا تعتبر المصدر أو المصنع الرئيس لتأهيل القيادات على المستوى الوطني وبالتالي فإن مطالبتنا بمنح المرأة الفرصة في تولي المناصب القيادية بالجامعة لن يخدم الجامعات فقط بل سيخدم قضية تأهيل المرأة لتولي المناصب القيادية على مستوى الدولة وفي مختلف مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية وسيخدم قضية التنمية الإدارية والاجتماعية بصفة عامة. فهل نرى مبادرات حقيقية من جامعاتنا في هذا الشأن؟ أم أن جامعاتنا تتنازل عن دورها الحقيقي في صناعة وصقل الكفاءات النسائية والرجالية على حد سواء؟