يقول العلماء: الساكت عن الحق شيطان أخرس!! والناطق بالباطل شيطان ناطق.. وقلَّ من الناس من يسلم من هذه أو تلك!! ولقد هالني ما كشفته الهيئة العامة للغذاء والدواء من أن نسبة الذين يُبلِّغون عن المنتجات المغشوشة، أو المنتهية الصلاحية لا يزيد عن 17%!!! وأن 73% ساكتون عن الحق!! فهل هم شياطين خرس؟! حاشا وكلاّ وقد تم إجراء هذا الاستطلاع على حوالي 1000 شخص.
فإذا كان هذا سكوتهم وعدم تعاونهم مع الجهات ذات العلاقة فيما يخصهم في اقتصادهم، وصحتهم، ومحياهم ومماتهم!!! فهل لديهم أهم من هذه الأشياء؟!
فأملي في مجتمعنا أن يعيدوا حساباتهم في شؤونهم وصحتهم واقتصادهم.. ويكونوا بمستوى المسؤولية لأن هذا مما يُحتِّمه علينا ديننا وشهامتنا ورجولتنا ومجتمعنا ودولتنا و.. و.. وذلك لأن ذلك:
1- إن التبليغ عن المفسدين واجب ديني ندين الله به، وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) سورة آل عمران، وقوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)... ثم قال: نصره إن كان ظالماً بمنعه من الظلم!!!
2 - إن في تخاذلنا عن واجب المسؤولية والتبليغ إفساداً لصحة أبنائنا وأهلينا ومجتمعنا.. وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (195) سورة البقرة.
3 -إن في ترك المفسدين بلا محاسبة ومتابعة تضخماً لرؤوس أموالهم، وسيطرتهم على رؤوس الأموال والأسواق.
4 - لا بد أن نقيم الحجة على الجهات المسؤولة بالتبليغ، ونبلغ عمن لم يتفاعل ويأخذ الأمر بالجدية في التبليغ أيضاً.
5 - لا شك أن السواد الأعظم من مجتمعنا لا يبلّغون، لأنهم محبطون من عدم إيقاع أي عقوبات.. فلسان حالهم (ابشر بطول سلامة يا مربع!!).
فلا بد من رد هذه الهوة.. فالمفسدون إنما استغلوا هذه الثغرة، وعاشوا في هذا المستنقع الذي هو أن المواطن يائس فلا يُبلِّغ والجهات المسؤولة لا توقع العقوبات الصارمة!!
6 - أنت ببلاغك عن المفسدين تكون دخلت تلقائياً بحزب الله المفلحين، وسجلت لك رقماً في الرجال الفاعلين الإيجابيين.
7 - إن سكوتك عن هؤلاء المفسدين يتنافى مع أنفتك وعروبتك وشيمتك وحميتك وحدبك وغيرتك على أبناء أقاربك ومجتمعك.
فالبلد بلدنا، والفاسد هو الجسم الغريب فينا، فلنكن سداً منيعاً في وجه كل مفسد، حتى لا نضطر يوماً إلى مظاهرات تُنادي بإصلاح النظام!!.. ولقد تنفس الصعداء استبشاراً وتفاؤلاً بقرار (خادم الحرمين) - وفقه الله - بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد.. خصوصاً أنها تحمل جواز سفر دبلوماسياً بمرتبة (كائن من كان)!! فعسى الله أن يجعل لهذه الهيئة ذراعاً حديدية قوية، تستأصل شأفة الفساد، وتقوّض أركانه، وتهد كيانه..
ثم لا بد أن نطالب الجهات ذات العلاقة بالأسواق أن تكون أرقام جهات الشكوى متاحة وواضحة للجميع في الأسواق وغيرها.. ورقم شكاوى الغش التجاري في المملكة هو (8001241616).
عارٌ على الغيورين في هذه البلاد أن يتسلق المفسدون على أكتافهم ويبنوا كيانهم على أموالهم!!
على كتفيه يبلغ المجد غيره
فما هو إلا للتسلّق سُلّمِ!!
إن محاربة الفساد أياً كانت صورته، فهي نوع من الجهاد والغيرة والحميّة على الوطن من براثن الفساد!! وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69) سورة العنكبوت، سدد الله خطى المصلحين، ورفع درجاتهم في عليين.
والسلام عليكم.
ali5001@hotmail.com