قال تعالى: الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ .
لا يغرب عن كل ذي وعي قيمة الأرض (الوطن) لأنها هي مقام ومهد التمكين، وإن من نعم الله الكثيرة على هذه البلاد وأهلها أن قيَّض لها حاكماً عادلاً رشيداً سديداً توارثه ستة ملوك عظماء منذ أن نهض في الجزيرة رجل وهب نفسه لله وإعلاء كلمة التوحيد فأيَّده الله بنصره وبارك خطاه؛ ذاك هو الإمام العادل الملك عبد العزيز طيَّب الله ثراه.
إن دور القائد مهما اختلف مكانه أو مجال ونطاق قيادته لدور صعب فعلاً لأنها مهمة صعبة مرهقة تحتاج إلى تركيز هائل طوال الوقت دون توقف لأن القائد يستطيع أن يضيف دائماً للأمور أبعاداً جديدة ويصبح الزعيم محلّقاً في آفاق الدنيا وفق المعطيات التي يقدّمها والجهود التي يبذلها والإصلاحات التي يحققها لشعبه. نعم إن للمواهب الرفيعة أثرها القوي في خطى القيادة ولكن الشعب بلا ريب هو المصدر العرقي لهذه المواهب وهو مستقبل تلك المواهب والمنشط للتفاعل معها.
كما أن للموقع الجغرافي حظاً جزيلاً في بناء الخصائص القيادية، وكلما كان الموقع مفعماً بالمعاني الكبار سما التفكير وعظمت المهنة ونبل الفعل.
والملك عبد الله الذي تمكّن الدين من روحه بحب وطنه حباً صادقاً لذا نهج منهجاً مميزاً في إدارة أمور الدولة وكرَّس منهجه السديد إلى مختلف التفاصيل والمتابعة الدقيقة وهو يقول (أريد لشعبنا حياة كريمة فهم يستحقون الأفضل)، هذا شعار رفعه الملك عبد الله في خطابه للأمة تلاه صدور مراسيم الخير الكثيرة لرفعة شأن الوطن والمواطن، ولقد قال الشعب كلمته الثابتة خلف قيادته ومن يتابع الأحداث والمتغيِّرات المحيطة بنا خلال الأشهر الماضية يعرف أهمية توجه المواطن السعودي وتفكيره وكيف التحم مع قيادته بثقة محفوفة بالحب والإعجاب والتقدير.
هكذا نصر نحن السعوديين دائماً على أن لنا خصوصيتنا التي تميِّزنا عن بقية شعوب المنطقة ونحن مستمرون في المنافحة عن هذه الخصوصية بكل ما أوتينا من قوة لحماية هويتنا الخاصة هذه، حيث المجتمع السعودي له مكوناته التاريخية والدينية الخصوصية أيضاً مما يجعله أكثر المجتمعات العربية محافظة بفضل العوامل الدينية والجغرافية كونه حاضناً للدين الإسلامي ومقدساته (مكة المكرمة والمدينة المنورة) وهذا حتم أن تكون الجرعة الدينية لديه أكثر الجرعات العربية حجماً وقوة، والشعب السعودي يعيش حالة من التماسك والتآزر ويشعر بانتمائه إلى دولة موحّدة منظمة مستقلة ذات سيادة، وقد سعد سكان هذا الوطن بتفيؤ ظلال الحكومة الرشيدة من خلال غرائزها الوضوح، الأبواب المفتوحة، التركيز على أهمية الإنسان، اعتبار المفكرين سراج الأمة، الرحمة بالنشء ونعموا بخير أمن وطمأنينة وعدل وإصلاح ورعاية تامة في جميع مرافق الحياة اجتماعية وصحية وثقافية.
لقد أثبت المجتمع أنه مجتمع صالح متكافئ في الحقوق والواجبات متعاون على كل ما فيه النفع العام دون تفريق أو تمييز مدركاً أن ازدهاره متوقف على الانقياد والسمع والطاعة لولي أمره وهو يتطلع أن تجعل الوزارات والجهات الحكومية كلمات وقرارات المليك أهدافاً يجب تحقيقها حتى تصحح كثيراً من الأمور وتزول العقبات والإشكاليات وتختفي الإحباطات والهموم والتخوفات المستقبلية من نفوس الناس الذين يخشون الإطالة في تحقيق أحلامهم في سكن وعلاج وتعليم ومواصلات.
كم هي نظرة خادم البيتين الواقعية العقلانية وهو يركّز هدفه وغايته اليوم لمستقبل الأجيال.
الملك عبد الله عند شعبه في القلب والعين دائماً لأنه من القادة الرواد الذين تحمّلوا المسؤولية وأخلصوا للوطن وعملوا لرفعة شأنه.
ختاماً أقول للأجيال الشابة هنيئاً بأنهم يعيشون في المملكة العربية السعودية بكل إرثها الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي وأن ما هم فيه من خصوصية ما كان لها أن تكون لولا عزيمة قادتنا ورجالات الدولة وجدهم واجتهادهم وإخلاصهم وصبرهم وإيمانهم الشديد بالله ثم بالوطن والإنسان السعودي.
ثم أهنئ قادتنا بأن ولاء هذا الشعب تربية منذ الصغر وثقافة تعلّمها الإنسان السعودي ويحملها في دواخله لا تزرع فجأة ولا تكتسب فجأة.
حفظ الله ولاة أمرنا من كل مكروه وأدام على بلادنا نعمة الأمن والأمان والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
