حالكة ومشرقة في الوقت ذاته تلك اللحظات التي سلم فيها السريحي الروح لبارئها، فلم تعج الصحف الأمريكية هذه المرة بأخبار إرهابيين مسلمين وعرب أثاروا الفوضى وخططوا لأحداث 11 سبتمبر المشؤومة التي حولت العالم لحالة طوارئ دائمة بل غيرت القصة البطولية للمبتعث السعودي السريحي موقف الإعلام الأمريكي وبالتالي غيرت وجهة النظر الغربية تجاه الإسلام والعرب.
لم يكن السريحي مجرد طالب علم ولكن كان ابن وطن استطاع أن يكون سفيره إلى العالم من خلال موقفه الإنساني الذي دفع ثمنه حياته الغالية ودموع أمه وذويه والفراغ الذي شغله من بعد رحيله إلا من تلك البقعة التي شغلتها جثته الهامدة بلا حراك و روح شهيد ترفرف بين الحين والآخر تلقي التحية على محبيه.
أيها القراء الكرام غرق الطالب السعودي الذي يدرس الهندسة الميكانيكية في الولايات المتحدة مشاري السريحي في بحيرة بولاية أوهايو الأمريكية بعدما أنقذ طفلا أمريكيا وعاد لمحاولة إنقاذ والده لكن الفرصة لم تسنح له وبدل أن يعود بالرجل حيا عادت السلطات بجثتيهما بلا حراك لكن بقصة أذهلت الناس واستوقفتهم ربما لتكون دعوة لإعادة النظر ومراجعة بعض الأفكار التي رسخت فترة ولم تكن لتنصف ديننا أو أتباعه.
رحم الله مشاري السريحي، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وأشرق ببطولته وعمله الإنساني هذا صفحات التاريخ التي ستظل تذكره وسيفتخر وطنه بشاب كان السفير الحقيقي له والمبتعث للعالم بقيمه الإسلامية.
لعله من المواقف الإنسانية المؤثرة ما أرسله لي المتابع لزاويتي الأستاذ فهد الحماد عن أم انتقلت إلى رحمة الله وقد أخفت سرا عن أولادها طيلة حياتها بأنها طوال عمرها كانت ترى بعين واحدة فقط «يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة».
من آخر البحر
النساء
ينثرن الحكايا للريح
تنثرها الريح في الحقول
تتهامس الأغصان بأسرارهن
والبئر.. والسنابل تنحني
تثقلها الأسرار والحكايا
mysoonabubaker@yahoo.com