|
أكسفورد - طلال الحربي
ما إن تطأ أقدامك مدينة أوكسفورد العريقة مدينة الكتب والجامعات حتى تشعر بعبق التاريخ فقد تأسست فيها الكليات الثلاث الأقدم في أواسط القرن الثالث عشر وكانت النتيجة وما تزال معمارا حجريا مزدحما في مساحة ميل مربع مليئا بأبراج وأجزاء مزينة بنقوش ومحاطة بباحات مربعة وممرات وكنائس وقاعات داخل جدران المدينة التي تعود إلى العصور الوسطى ودار الاجتماعات التي التقى فيها برلمان تشارلز الأول، خلال فترة الحرب الأهلية. فضلا عن أواني الفضة والزجاج الجميلة، التي كانت تستخدم في ولائم الكلية، وهي مما لا يمكن العثور عليه في أي قصر ملكي أو امبراطوري بناية جميلة أثرية أخرى، وكلها مشيدة من أحجار كوتسولد الرملية، التي تغير ألوانها تبعا لتغير الضوء. والغرفة التي جرى فيها احتساء أول فنجان قهوة في إنجلترا (عام 1637 في باليول) وإذا توجه الزائر إلى الشارع الرئيسي العام، الذي يعد بانحنائه الشفاف من اجمل شوارع العالم وسط متاهة المعمار القوطي هناك تجد متحف أشموليان حيث يلتقي بيمونت وسانت جايلز وقاعة النهضة الإيطالية لرؤية أعمال مانتيغنا وبليني وأوسيلو وعمله الشهير الموسوم بصيد في الغابة وفي داخل الاشموليان تجد قاعة الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله للتراث الإسلامي جوهرة ثمينة حسب ما قال نيكولاس باربر رئيس متحف أشموليان عقب افتتاح قاعة الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتراث الإسلامي في متحف الأشموليان بأكسفورد حيث قال لـ(الجزيرة):
إنه مع قاعة الأمير سلطان الرائعة والملهمة تحول المتحف الآن إلى واحدة من المجوهرات في العالم الثقافي، ذاكراً أن تبرع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز السخي أتاح الفرصة لمحبي التراث الإسلامي للاطلاع على مقتنيات كانت حبيسة لعدم وجود قاعة لعرضها ان متحف أشموليان التاريخي في مدينة أكسفورد البريطانية وهو واحد من أقدم المتاحف العالمية أسس عام 1683م في قلب بريطانيا ويضم عدداً من المقتنيات الإسلامية النادرة والصينية واليابانية وحضارة ما بين النهرين علاوة على مقتنيات حضارات أخرى سوف يفتح أبوابه في السابع من نوفمبر بعد إنهاء المرحلة الأخيرة من الصيانة والتطوير.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد - حفظه الله - تبرع بنحو مليوني جنيه إسترليني لتطوير هذا المتحف وبناء قاعة عرض للتراث الإسلامي فيه في مسعى لدعم تقارب الحضارات والتفاهم بين الشعوب وكدليل على العلاقة الوثيقة طويلة الأمد بين المملكة المتحدة وجامعة أكسفورد من جهة والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، وافتتحت ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث الثانية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز آل سعود سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة قاعه الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود بمتحف اشموليان وشهدت العلاقة بين البلدين الصديقين على مدار الأعوام الطويلة إسهام الخبراء الدوليين البارزين المتخصصين في آثار شبه الجزيرة العربية حيث استفاد منها كثير من الأكاديميين السعوديين وتعد هذه القاعة التي تمت تسميتها على اسم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله في متحف أشموليان بمثابة دليل آخر على العلاقات القوية بين حضارتينا وجميع ذلك يعكس الرغبة المشتركة في تعزيز فهم الثقافة والتراث الإسلامي.
وقال الدكتور كريستوفر براون مدير متحف الأشموليان: كان طموحنا من البداية ليس في إيجاد مجرد نسخة محسنة وموسعة من أقدم متحف ببريطانيا، ولكننا كنا نبحث عن شيء مختلف في النوع وإيجاد طريقة جديدة لعرض مقتنيات متحف الأشموليان المميزة لاطلاع أكبر قدر من الجمهور، ونقدر لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز هذا التبرع السخي الذي مكننا من تقديم مقتنيات إسلامية فريدة يملكها المتحف لم يسبق عرضها للجمهور من قبل لعدم توفر المكان المناسب للعرض، وأضاف مدير متحف الأشموليان المتحف من أعرق المتاحف في العالم وأهمها، أما قاعة الأمير سلطان للتراث الإسلامي، وهي أحدث مرافقه، فقد أقيمت بتبرع سخي، من رجل كريم، لهدف سام، هو خدمة التراث الإسلامي وتقديمه لزائري المتحف، من بريطانيين وغيرهم، بطريقة مميزة وصادقة، وأكد نحن ندين بالفضل لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على هذا التبرع السخي الذي مكن متحف الأشموليان من تقديم الثقافة الإسلامية لجمهور أكبر من ذي قبل وهذا شأنه زيادة مستوى الفهم والمعرفة بالثقافة الإسلامية في المملكة المتحدة فقد ساهمت القاعة في إيجاد مساحة لعرض مقتنيات المتحف من التحف الإسلامية الفريدة التي كانت موجودة في المبنى الإداري للمتحف ولم تجد طريقها للعرض بسبب عدم وجود مساحة لعرضها ومنها قطع من السجاد والمخطوطات وجداريات من السيراميك وقطع من القماش المطرز تعود إلى العصر العثماني والفخاريات قام بإهدائها جامع التحف البريطاني جيرالد ريتلينغر (1900 - 1978) إلى المتحف.
وحين تتجول في أرجاء القاعة ترى الإعجاب في وجوه زائريها وحين التقيتهم قال لي ممتاز أحمد بريطاني من أصل باكستاني: لا شك أن هذه القاعة هي واحدة من مآثر المملكة العربية السعودية في دعم الإسلام وتعزيز التواصل الثقافي بين شعوب العالم.
أما مايك وهو بريطاني من مدينة مانشستر يزور أوكسفورد قال :المتحف أحد أقدم وأعرق المتاحف في بريطانيا والعالم وهذه القاعة وما تحويه من آثار إسلامية من أجمل ما رأيت في المتحف.
من ناحيتها بينت إحدى مسؤولات المتحف سوزي أن القاعة التي تم تشييدها يسَّرت إمكانية عرض تحف وقطع أثرية إسلامية قيمة يملكها المتحف ولم يسبق عرضها للجمهور من قبل لعدم توفر المكان المناسب لعرضها.
أما لوك تيدويل المتخصص في العملات الإسلامية فقد بين أن القاعة تجذب إليها آلاف الزوار من مختلف دول العالم وهي من أكثر القاعات التي تشهد زيارة من رواد المتحف
لقد تعدت منحة الأمير سلطان إقامة قاعة العرض إلى فتح قنوات جديدة للتعاون الثقافي والعلمي بين الجانبين السعودي والبريطاني فهناك اتفاقية التعاون العلمي والتبادل الثقافي التي وقعت بين جامعة أكسفورد وجامعة الأمير سلطان بن عبدالعزيز كنتيجة لتبرع سموه السخي فقد تم إدخال جامعة الأمير سلطان في الاتفاقية من خلال البندين (2 - 5)، (2 - 6) حيث ينصّان على ما يلي:
- (2 - 5) يجب تنشيط وترقية العلاقات والاتصالات بين جامعة الأمير سلطان بالرياض وجامعة أكسفورد بواسطة المؤسستين على أساس المساعدات الثنائية المتبادلة وتطوير البحث الأكاديمي والتفاهم بينهما.
- (2 - 6) أن يتم تطوير برنامج منح وبعثات للطلاب وأعضاء هيئة التدريس بين جامعة الأمير سلطان بالرياض وجامعة أكسفورد بقصد ترقية تبادل المعلومات والدعم الأكاديمي وإيجاد مدخل إلى المواد الأكاديمية. ويتم الموافقة على شروط هذا البرنامج بين الطرفين خلال عام من توقيع هذا الاتفاق.
> 1-1 إنّ لجامعة أكسفورد (أكسفورد) تراثاً عريقاً مميزاً في دراسة الشرق الأوسط والعالم العربي بصفة عامة، ودراسات شبه الجزيرة العربية والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة. وفي سياق هذا التراث، وكذلك في ضوء المتغيرات الأخيرة والحالية، تسعى الجامعة لتوسيع وتعميق التزامها بتعزيز التفاهم المتبادل بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، وتوسيع دراسات الشرق الأوسط والعالم العربي في الجامعة.
> 2-2 ومن هذا المنطلق، تعرب أكسفورد عن امتنانها لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لدعمه السخي لمتحف أشموليان عام 2005، الذي هدف إلى تأسيس معرض صور إسلامي، بالإضافة إلى تدعيم علاقات جامعة أكسفورد بجامعة الأمير سلطان في ضوء الفقرات رقم 2.5 و2.6 من (اتفاقية دعم ورعاية معرض الصور الإسلامية في متحف أشموليان) - والتي يشار إليه فيما يلي بـ (اتفاقية أشموليان) - التي تم التوصل إليها بخصوص تلك المنحة.
كما يسر جامعة أكسفورد أن تؤيد إلى جانب جامعة الأمير سلطان، أمنيات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز في تطوير التعليم والتفاهم في العالم العربي.
تقديراً لاتفاقية (أشموليان) التي قامت على المنحة السخية التي قدّمها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، فإنّه يسر جامعة أكسفورد أن تشرف على المنح العشر الدراسية المقدّمة باسم الأمير. و بناءً على ما سيتم مناقشته مستقبلاً ستسعى أكسفورد لتأسيس برنامج جامعة الأمير سلطان في جامعة أكسفورد.
لقد جاء هذا التبرع السخي من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام كما تمنى سموه حيث أسهم المعرض الإسلامي السعودي في تعزيز التفاهم وتقدير الفن الإسلامي داخل المملكة المتحدة.
إن هذا التبرع أتى ضمن الجهود التي تبذلها المملكة لدعم جميع المبادرات التي تسهم في تقارب الحضارات وتعزيز التفاهم بين الشعوب من خلال مشروعات ثقافية تهدف إلى التأكيد على أن ما يجمع بين أبناء هذه الشعوب ويربط حضاراتها أكثر بكثير مما يفرقها.
أشموليان متحف من الفن وعلم الآثار وهو أول متحف جامعة في العالم. وقد تأسس بين 1678-1683 ويضم مجموعة فنية وأثرية مهمة من الحضارات الغربية والشرقية، وتقديراً من جامعة أوكسفورد ومتحف أشموليان لسموه لدوره في دعم جهود حفظ وإبراز التراث الإسلامي قدم أشموليان عضوية الصداقة للأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله -. إن قاعة الأمير سلطان هي متحف بحد ذاتها متحف الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله للتحف الفنية الإسلامية كجزءٍ لا يتجزّأ من متحف أشموليان العريق والشهير بجامعة أكسفورد وهذا الدور الذي تلعبه المملكة كدور طبيعي لها في دعم ورعاية الأبحاث العلمية والمؤسسات الثقافية في العالم ومسؤولية المملكة تجاه الإنسانية والعالم تنبع من موقعها الفريد وبحكم كونها أرض الحرمين الشريفين وإنشاء قاعة الأمير سلطان للتراث الإسلامي التي أنشئت بدعم سخي من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود-حفظه الله- لتبقى شاهدا على تشجيع ودعم الأمير سلطان حفظه الله للتحف الفنية الإسلامية والحفاظ عليها فصاحب السمو الملكي الأمير سلطان حفظه الله مؤسسة خيرية بحد ذاته وأعمال سموه الخيرية لا تقف عند نشاط واحد فدعم سموه للمجالات الخيرية شمل كل المجالات فتبرع سموه لجامعة أوكسفورد يصب في تعاون الثقافة العربية الإسلامية والمؤسسات البريطانية في المساعدة في حفظ التراث وإيجاد دارسين وطالبي علم سعوديين في مجال المتاحف والآثار والجامعة عريقة تحتوي على متحف عريق، وأراد سمو الأمير سلطان أن تستفيد الدراسات العليا والطلبة السعوديون وإعطاء فرصة لأبنائه للدراسة في جامعة أوكسفورد، وهذا يدل على بُعد نظر سموه ورغبته في إتاحة أكبر فرصة لأبنائه الطلبة للنهل من العلوم المفيدة والمتطورة.