|
جاء البرنامج الثقافي لملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم الذي تتواصل فعالياته حالياً بمدينة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حافلاً بالعديد من المحاضرات، والندوات، وعروض الخط المختلفة، إلى جانب ورش العمل حيث عقدت خلال الأيام الثلاثة الماضية مجموعة من هذه البرامج، ففي مساء يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر جمادى الأولى الجاري ألقى الأستاذ يوسف ذنون عبد الله محاضرة بعنوان: (تطور خطوط المصاحف عبر العصور) في القاعة الرئيسة بمقر إقامة الملتقى حيث قدم للمحاضرة الدكتور حازم سعيد حيدر.
وتناول المحاضر - في محاضرته - تطور خطوط المصاحف عبر العصور، حيث أوضح أن فن الخط العربي بلغ مرتبة رفيعة؛ لأنه اتُّخذ أداة لتدوين القرآن الكريم، وسوف ترصد المحاضرة مرحلة الخطوط الموزونة التي كانت ذروتها في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة ممثلة في خطوط المصاحف وما اعتراها من إضافة في حركاتها وإعجامها، وضَبْطها، وتحسين أشكال رسومها، وبرزت بعد ذلك الكتابة المنسوبة التي سَمَتْ بفن الخط إلى جمال مدهش. وقد بدأت كتابة المصاحف بهذا النوع من الكتابة في القرن الرابع الهجري، وأخذت بالانتشار بعد أن تنوعت خطوطها في الأقلام الستة، وعلى رأسها خط الثلث والمحقق والنسخ والريحان، وقد أخذت هذه الخطوط الأربعة، بدءاً من القرن الخامس، تتبادل المواقع في مختلف البلاد بظهور طبقة من الخطاطين المُجيدين، وأخيراً ساد خط النسخ على يد الشيخ حمد الله المعروف بابن الشيخ المُتوفى سنة 926 هـ، وقد سار على نهجه الخطاطون العثمانيون وغيرهم حتى الوقت الحاضر.
ورصد المحاضر - في سياق حديثه - جهود الخطاطين المغاربة الذين حافظوا على الخطوط الموزونة التي طوروها إلى الخط المغربي المبسوط، وقد كُتب له السيادة حتى الوقت الحاضر.
وضمن عروض الملتقى قدم الدكتور عثمان طه خطاط المجمع عرضاً لبعض خطوط المصحف الشريف، بدأه بالحديث عن حياته مع كتابة المصحف الشريف التي ذكر أنها قاربت الخمسين عاماً، كما تحدث عن بداياته مع الخط منذ أن كان صغيراً حيث كان والده يعلمه الخط حتى نمت لديه هذه الموهبة وهو في السابعة من عمره، مهيباً بالخطاطين الشباب بالحرص على تنمية مواهبهم وقدراتهم في الخط العربي.
وقال: إن الخط العربي بدأ يزدهر بوجود أبنائنا من الخطاطين الجادين، والنواة لكل فن هي الموهبة التي توجد في النفس البشرية مع إرادة الإنسان، فالموهبة تؤدي إلى هواية، والهواية هي التي توصل الإنسان إلى الإبداع، مؤكداً على أهمية الأساتذة والمعلمين وذوي الخبرة في إكساب الإنسان الخبرات المطلوبة في فن الخط الذي أبدع فيه.
وفي يوم الأربعاء الثالث والعشرين من الشهر، ألقى الدكتور خالد أرن محاضرة بعنوان: (جهود مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) في خدمة المصحف الشريف) قدم للمحاضرة الدكتور أحمد محمد الخراط، وقال الدكتور أرن - في محاضرته -: إن للمركز عناية كبيرة بالقرآن الكريم، واحتلَّت الأعمال الخاصة به مكانة أثيرة في برامجه منذ تأسيسه، فقد قام بإعداد عدد من الفهارس الهامة لترجمات معاني القرآن الكريم المطبوعة، والمخطوطة، والشفوية، ونشر العديد من معاني ترجمات القرآن الكريم بلغات متعددة، ونشر عدد من النسخ التاريخية للمصحف الشريف مع دراسات علمية مقارنة، إلى غير ذلك من الأعمال الجليلة، التي تصبُّ في خدمة المصحف الشريف.
كما تواصلت فعاليات البرنامج الثقافي للملتقى، بعقد ندوة بعنوان: (الخط العربي بين الخطاطين والمبرمجين)، شارك فيها كل من الأستاذ الدكتور مصطفى جاد الحق، والأستاذ الدكتور عبد الله عبده فتيني، والمهندس نايف عبد الله الراجحي، والأستاذ تاج السر حسن سيد أحمد، وأدار الندوة الدكتور أحمد أحمد الشامي.
وناقشت الندوة محورين، المحور الأول بحث في ثلاثة موضوعات: الأول: فن الخط العربي - قواعد وأصول، والموضوع الثاني: تاريخ تطور الخط العربي، والموضوع الثالث: القواعد والأصول التي تساعد على برمجة الخط العربي، أما المحور الثاني فبحث في ثلاثة موضوعات هي: الموضوع الأول: نحو أتمتة كاملة للخط العربي، والموضوع الثاني: أتمتة الخط العربي - الإنجازات والتحديات، والموضوع الثالث: برمجيات الخط العربي - المميزات والعيوب.
كما تضمن البرنامج الثقافي للملتقى ليوم الأربعاء عرضين، العرض الأول للأستاذ ناصر بن عبد العزيز الميمون - الذي قدم له الدكتور مصطفى عمر حلبي -، حيث عرض الميمون نماذج من الخطوط التي خطها خلال مسيرته مع الخط العربي.
الجدير بالذكر أن العارض الخطاط الأستاذ الميمون شارك في ملتقيات دولية كثيرة، وحصل على جوائز تقديرية عديدة من معارض الكويت وعمان والرباط والرياض وبغداد، كما حصل على (29) جائزة في مسابقات دولية، وله من البحوث والدراسات والأعمال أبرزها: حصل على شهادات تقدير من خطاطين دوليين، وله عدة مقتنيات في دول عديدة، ودرّس الخط العربي، وكتب اسم المملكة العربية السعودية على شعار المئوية بمناسبة مرور مئة سنة على توحيد المملكة (1419هـ)، وأقام ثلاثة معارض شخصية، اثنان في الرياض والثالث في الكويت.
أما العرض الثاني فكان للخطاطة الأستاذة فاطمة بنت إبراهيم آغا أوغلو تركية الجنسية حيث عرضت في القاعة المخصصة للنساء نماذج من خطوط المصحف الشريف، وقدمت للعارضة الدكتورة ميمونة فوتاوي.
وفي يوم الخميس الرابع والعشرين من الشهر، ألقى الدكتور يحيى محمود جنيد محاضرة بعنوان: (الجهود الصينية في كتابة المصحف الشريف)، قدم للمحاضر الدكتور عبد الله عسيلان، ومما جاء في المحاضرة التأكيد على عناية الصينيين بكتابة المصحف الشريف مع عرض لمجموعة من المصاحف المخطوطة وإبراز أهم ملامحها الفنية وتأثرها بالفن الصيني، وتعتمد الدراسة بشكل رئيس على مصادر منشورة عن الإسلام في الصين، ومجموعة من المخطوطات التي اطلع المحاضر على مصورات لها في كتب الفن الإسلامي، وقوائم المزادات، وكذلك ما اطلع عليه بشكل مباشر؛ ومن ذلك مجموعة مميزة من اللوحات القرآنية المحفوظة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
كما أقيمت في ذات اليوم ندوة بعنوان :(جماليات الخط العربي في كتابة المصاحف - مفهومها، مقوماتها، خصائصها) شارك فيها كل من: الأستاذ الدكتور منور ثامر المهيد، والأستاذ الدكتور إدهام محمد حنش، وأدارها الأستاذ الدكتور يحيى بن محمود جنيد.
وضمن العروض التي قدمت في ذات اليوم، عرض الخطاط المغربي الأستاذ بلعيد الحبيب حميدي والذي تضمن نماذج من خطوط المصحف الشريف وقدم لهذا العرض الدكتور عوض بن أحمد الشهري، ومن أبرز أعمال وبحوث العارض كتابة مصحف مطبعة المعارف برواية ورش بالرسم العثماني، كما كتب خمسة مصاحف أخرى بنفس الرواية.