ما يُثار حول الجمعيات الخيرية من شبهة دعم العمليات الإرهابية، كان نتاج تحديات خارجية، فرضتها هيمنة القطب الواحد، وصناعة عدو جديد للغرب، بهدف إضعاف تلك الجمعيات، وتحجيم دورها. وخذ على سبيل المثال: ما ورد في تقرير مؤسسة «راند»، الصادر في عام 2007م، تحت عنوان: (بناء شبكات مسلمة
معتدلة)، وكيف فرّق بين دعم المؤسسات الإسلامية التي تؤمن بتطبيق الشريعة، حيث أشار التقرير إلى وجوب حصارها، والتضييق عليها، وضرب بعضها ببعض، وبين المؤسسات التي تمثل خمول الإسلام «الفرق الباطنية»، ومؤسسات المجتمع المدني العلمانية، والليبرالية التي يجب دعمها.
المفارقة، أن تلك الدعاوى لا تستند إلى واقع يؤيدها، ولأن «الغاية تبرر الوسيلة»، فقد استبدلت سياستها بقانونها الافتراضي، وهو أن «المتهم مذنب حتى تثبت براءته». ورغم افتضاح الحملات الخارجية ضد عمل المؤسسات الخيرية بشكل عام، فإن الأخذ بزمام المبادرة مرة أخرى، وتحصين تلك المؤسسات بطرق قانونية، جزء من الحل، حتى لا تعوق خطواتها نحو المستقبل، إضافة إلى سد الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها المتربصون في أدائها.
على أية حال، فإن العمل الخيري لدينا عمل مؤسس، قائم على أطر منظمة، ومنضبطة. أعادت من خلالها رسم منظومة العمل الخيري، بما يكفل عدم تشتت جهودها، وذلك وفق إستراتيجية التوزيع للعمل الخيري العام، يحكم نشاطه، ويدخله إلى مجال التخصص، والتميز. مع الحفاظ على معانيه الإنسانية والخيرية؛ من أجل الوصول إلى تقديم أنموذج متميز.
قبل أيام.. دحض وزير الشئون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين، لصحيفة الوطن العدد «3853»، كافة الأقاويل التي زعمت: دعم الجمعيات الخيرية للعمليات الإرهابية، مؤكداً أن كافة أعمال الجمعيات الخيرية، تخضع للرقابة، وأن حساباتها منضبطة. هذا النفي عندما يصدر من معالي الوزير، هو دليل واضح على نزاهة العمل الخيري لدينا، ونصاعة صفحته. وأنه يأخذ مكانه كأساس إستراتيجي؛ لبناء قطاع خيري أصيل، وشريك في عملية التنمية الشاملة، من جهة. ومن جهة أخرى؛ ليسد الفراغ الحادث في التكافل بين شرائح المجتمع، عن طريق تقديم الدعم الإغاثي، وإنشاء المشاريع الإنتاجية، والتمكينية.
إن على العقلاء، أن يعوا حجم المؤامرة على العمل الخيري، وأن يواجهوا تحديات الواقع بما يناسبه، والعمل على تظافر الجهود في هذا المجال؛ ليحقق أهدافه المنشودة، ومن ذلك: دعم مجالس الجمعيات الخيرية بكفاءات مؤهلة، قادرة على إدارتها وفق أسس حديثة، بعيداً عن الأساليب التقليدية. وضرورة إخضاع كافة أعمالها للرقابة، ومصادر أموالها، ومجالات صرفها، بل والقدرة على الاستثمار الأمثل لمواردها.
drsasq@gmail.com