يُعد الفساد ظاهرة عالمية خطيرة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية .. الخ، تتسم بآثار سلبية متعددة أهمها التأثير السلبي على عملية التنمية حيث ينحرف بأهدافها ويبدد الموارد والإمكانات ويسيء توجيهها ويعوق مسيرتها، كما يضعف فاعلية وكفاءة الأجهزة ويتسبب في خلق حالة من التذمر.
ومن ثمَّ جاء قرار خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- الذي يفصح عن تفاعله مع صوت المواطن واحتياجاته بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، حيث يُعد من أهم الأوامر الملكية ضمن سلسلة من القرارات الحكيمة التي تؤكد بعد رؤية خادم الحرمين، لإسعاد مختلف شرائح المجتمع، انطلاقاً من إدراكه لأهمية التصدي لظاهرة الفساد وخطورتها اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً على المملكة العربية السعودية والمجتمع السعودي، باتخاذ جميع الإجراءات النظامية، من سلطات الضبط - والرقابة - والتحقيق - والقضاء ... إلى المراقبة والمحاسبة والتدقيق على جميع الجهات، خاصةً المشاريع العملاقة التي يُبالغ في قيمتها المطروحة والتي يجب أن تُقدم للمساءلة في حالة إخفاقها، أو عدم قيامها بالدور المأمول منها لضمان تنفيذ المشاريع على أكمل وجه والحفاظ على المال العام حتى يصل جميع ما يُصرف من الدولة إلى المواطن، وذلك من خلال تقديم الدعم اللازم للجهات المختصة لتعزيز حماية النزاهة.
ومن ثمَّ يجب ألا ننسى الأهداف المرجوة التي أُنشئت من أجلها هذه الهيئة، فقد حان الآوان ألا يكون أحد فوق القانون، وضد المساءلة باتباع نهج الشفافية التامة في الكشف عن المخالفات والتجاوزات المالية والإدارية ومتابعتها مع الجهات القضائية، والرقابية الأخرى وضمان محاسبة المتورطين، كما نتمنى أن تُبرز الهيئة فعلاً وجودها الوطني في هيئة أنظمة ولوائح قانونية مدوَّنة، تُميز دورها وتُزيح أدنى درجات الالتباس بينها وبين أجهزة الرقابة القائمة، مثل ديوان المراقبة وهيئة الرقابة وما يشبهما، لتوضع هى أيضاً في موقع المساءلة في حالة إخفاق الحقائق.
كما يجب أن تكون خير معين لمختلف الجهات والأجهزة التنفيذية والقضائية لمحاربة جميع أوجه الفساد وأشكاله للحد من سوء استغلال الصلاحيات القضائية، والسلطات الإدارية، ونهب المال العام، والرشوة، والتلاعب بالأنظمة، والتمييز بإعطاء الترخيص والاحتكار بين الناس، والتقصير في أداء العمل، وضعف الانتماء للوطن، واستقطاع الأراضي، وقطع يد جميع المتلاعبين والمرتشين لجني ثمارها».
وفي الختام نشكر الأب والقائد الحكيم سدد الله قوله وعمله، ووفقه لخدمة هذا الوطن بدخولنا «مرحلة وطنية جديدة» لمكافحة الفساد والفاسدين، وإعادة المظالم لأهلها.