البريطانيون وحدهم يعرفون الطريق إلى الاقتصاد، والبريطانيون أيضا وحدهم استثمروا التقاليد لتدر الأرباح والأموال، اجتذبوا العالم إلى جزرهم شبه المعزولة من خلال اللغة الإنجليزية لتتحول بريطانيا في الصيف والعطل إلى أكبر مركز لغات في العالم. واجتذبوا من خلال التقاليد والعادات التي حافظوا عليها عبر تقاليد العائلة المالكة في بريطانيايوم الجمعة الماضية في حفل الأمير وليام وعروسته كيت ميدلتون اجتذبوهم إلى حفلة اقتصاد كبرى استطاعت العائلة المالكة أن تجلب للبريطانيين المال والصفقات التجارية وتحرك الاقتصاد المحلي واقتصاد الأفراد من خلال تمسكهم وعودتهم إلى قرون (16،17،18)م زمن العربات والخيول وقوافل الخيل والهوادج وأزياء عصر الإمبراطورية البريطانية والخوذات والكنائس العتيقة والعمارة الكلاسيكية: الأعمدة والتيجان والقباب والعقود الحجرية. في زمن الأباطرة ليبيع البريطانيون كل ما يمكن بيعه من غرف في الفنادق الفخمة والعرض الليلية والصفقات التلفزيونية وحق البث، باعوا الرايات والقبعات والوجبات الباهظة والمطاعم، عملوا على تسويق كل الأشياء المشاعة للتسويق من إيجارات وهدايا... الزواج الملكي أسعد الشعب لأنه حرك الاقتصاد واعتبروه يوم إسعاد لجميع البريطانيين الذين كادوا أن يطبقوا على العالم في الربع الأول من القرن العشرين استعمروا قارات بعيدة مثل الهند وأجزاء من إفريقيا ودول من الشرق الأوسط. عرفوا كيف يستثمرون التقاليد الملكية لممتلكاتهم الثقافية والعمرانية ويحولونها إلى عامل لتحريك الاقتصاد، تجذب السياح وتدر الأموال ولم تكن عراقة جامدة ومكلفة تتحول إلى عبء كما هو التراث العمراني في العديد من الدول تصرف عليها البلديات لحراستها وحمايتها وصيانتها... زواج العصر (الأمير وليام وكيت) اعتبره البريطانيون نوعا من الفرح الجماعي للشعب الذي يدرك أن تقاليده وعراقته وتراثه العمراني مصدر من مصادر الدخل القومي طوال العام، حيث تصبح بريطانيا توجها سياحيا، وخيارا قائما لجزر بريطانية اشتهرت بالعراقة والتقاليد والحرية والاقتصاد، عملت على ترسيخ تلك المفاهيم والقيم وتأكيدها في المناسبات الدولية وهي الآن ترسخها بزواج العائلة المالكة حتى أظهرت تلك القيم في جميع عواصم ومدن العالم حين نقلت سفاراتها والقنصليات حفل الزواج على الشاشات تعبيرا عن الحياة الرومانسية البريطانية وجذورها التاريخية وحرصتا الدولة والشعب على إظهر بريطانيا بصورة العظمة... استطاع البريطانيون أن يمزجوا ماضي القرن (16)م بحاضر القرن (21) بعودة إلى الماضي مع امتداد المستقبل وكأنها رسالة تسامح وتصالح مع التاريخ والناس، ودعوة ليوم رومانسي في زمن الحروب، في حين أن الماضي والتاريخ لدى الشعوب العربية هو المغذي للحروب والوقود والدافع لحمل السلاح... بريطانيا حكمت العالم من خلال الآخرين من شعوب المستعمرات البعيدة وهي اليوم تحرك اقتصادها من خلال الآخرين.