لا يعنيني، لا من قريب ولا من بعيد خبر وفاة أسامة بن لادن، ولا إن كانت صورته وهو ميت حقيقية أم مفبركة، ولا إن كان قد دُفن أو رُميت جثته في عرض البحر. فلا زلت أتذكر لقائي العام الماضي بوزيرة شؤون المرأة الأفغانية حينما التقيت بها في روما، وقلت لها مازحة، ونحن على الغداء: «يعيش بينكم بن لادن»، ردت فوراً: «بن لادن يعيش في أمريكا».

هذا ما يعنيني كمواطنة عربية، اللعبة -الصهيو أمريكية- وتحركاتها في منطقتي، لأني مؤمنة أن بن لادن وقضية القاعدة هي صناعة تهدف إلى محاربة السنة للسنة، في الوقت ذاته تساعد التمكين الصفوي في العراق، واستمرار لعبة الشطرنج في منطقة الخليج، وما أحداث البحرين ببعيدة!

الشكل الجديد، للعبة الجديدة، في الثورات العربية التي حصلت مع مطلع هذا العام. حتى الآن لم أتثبت من وجود مُحرك كامل الدعم لها، في الوقت ذاته لا أتصور أنها خالية تماما من هذا الدعم ولو بدفع ثنائي. وعموماً، فإن هذه الثورات ليست شراً محضاً، لقد بالغ الكثير من رؤساء الدول العربية في تفقير شعوبهم، والإساءة لهم وتعدت حدود الجور آفاقاً كبيرة، فصار الظلم يبدأ من أن يَدهس سائق حافلة مواطن وينتهي باختلاس مئات الملايين من الدولارات التي هي حقوق الشعوب المظلومة، هذه الثورات ووجهها الذي أطل برأسه فيها جانب كبير من ردة فعل طبيعية لسياسة الغدر بالمواطن والاستئثار بلقمة العيش وتركه يصارع الفقر والبطالة والفساد بمفردة. تيار الشعوب تيار جارف، وعندما يثور فإنه تيار تسونامي الذي لا يرحم، يقتلع كل شيء.

لذا فنحن نرى ربيعاً في بعض الدول مثل المغرب، إذ صدرت قرارات تخدم المواطن وتصب في صالحه. وعلى الصعيد المحلي فلا بد من الإشارة إلى قرارات خادم الحرمين الشريفين وأوامره -حفظه الله- فصدرت حزمة من القرارات تجعل من المواطن شريكاً في الثروة والتنمية، وهدفت معظمها إلى دفع عجلة التنمية وتقليل البطالة وتكثيف البعثات للخارج ودعم الجامعات والمجالات الاجتماعية والخيرية والبنية التحتية. فالشعوب -كما تراها إرادة الملك وإدارته- هي الأصل الذي تعمل عليه الحكومة ومن أجله، والشعب لم يُخلق من أجل المسؤول بل العكس.

وعودة للثورات العربية، فإن الشعوب ملت من الفقر بل ماتت من الفقر، وصارت عملية الموت في ثورة واحتجاج أشرف للشعوب المدهوسة من الموت في غرفة مظلمة مرضاً أو جوعاً لا يعلم عنك أحد.

وفي الوقت الحالي، فإن ما يحدث على سبيل المثال في سوريا، ليس إلا ردة فعل طبيعية لشيء حدث لم تستطع الشعوب معه صبراً. فمنطقة الشرق الأوسط منطقة غنية ثقافياً وثوراتها متوقعة، فالأديان والتاريخ والحضارات والجغرافيا والمصالح والنفط كلها محفزات تدعم أن تخرج من بين هذه الشعوب رغبة التغيير، فإن لم يأت هذا التغيير من الحكومات فإنه بالتأكيد سيأتي وعن طريق الشعوب بعد أن تُحطم صنم الحاكم الجائر وتستبدله بآخر والله وحده يعلم أي مستقبل ينتظر مصر وتونس الآن.

هل علينا في هذه الظروف أن نؤمن بنظرية المؤامرة؟ والله وحده يعلم ماذا سيحدث في سوريا واليمن، والله أيضاً وحده يعلم من هي الدولة القادمة، وما هي اللعبة -الصهيو أمريكية- المقبلة !!

www.salmogren.net