الصدفة وحدها جعلت مني شخصاً لا يمكن أن ينساه سمو الأمير خالد الفيصل (أمير منطقة مكة المكرمة)، فالقصة تعود إلى عصر الأربعاء 17 مايو 2007م عندما كنت في قصر الملك فيصل بالرياض بعد وصول سمو الأمير خالد للرياض لرعاية حفل جامعة الفيصل الجامعة الوليدة حيث كنا ننوي الحصول على تصريح لنشرة الأخبار وحوار تلفزيوني قصير مع سمو الأمير..
أعددنا كرسي الضيف وتم ترتيب أمور الإضاءة وأنهى المصورون كل الأجهزة اللازمة.. كان يوماً مختلفاً، فمديرنا الإقليمي الزميل المذيع الشهير محمد الشهري كان مرافقاً لي لأهمية الحوار مع سمو الأمير حول الجامعة (الفيصل باسمها ورسمها) فهي تتخذ من قصر الملك فيصل - رحمه الله - نصيباً كبيراً حيث تم هدم جزء من القصر لتتحول أجنحته وساحاته التي شهدت جزءاً كبيراً من حياة هذا الرجل الفريد في الأمة العربية والإسلامية والتي تشعر بمهابة صاحبها الحاضر الغائب، وأنت تتجول داخلها تتحول فيما بعد إلى كليات ومعامل علمية، لتؤكد أن هذا هو نبراس الفيصل ومنهجه الواضح في رفعة الأمة وتطورها وحلمه الذي سعى أبناؤه لتحقيقه...
لن أسهب في مدح هذا الصرح العلمي (فلا نوايا لدي للحصول على درجة الدكتوراه)، عموماً تأخر موعد اللقاء نصف ساعة تقريباً مع سمو الأمير وأنا أجهز الأسئلة ومديري أبو مهند (صاحب الحروف والألوف) يقول هاه بشر جاهز..؟ نبدأ...؟ بنفس طريقته المعهودة والمرحة في البرنامج الرمضاني وكأنه يريد أن يجعل الجو أكثر هدوءاً ومرحاً قبل لقاء الأمير خالد والتسجيل معه وبعد هذا التأخير وسمو الأمير معروف عنه دقة مواعيده ومدى احترامه للوقت، فلا غرو وهو ابن الفيصل الشاعر والحاكم..
فجأة إذا برجل من (أخويا) الأمير يدخل علينا المجلس، وهو يبكي ويقول: الأمير خالد الفيصل أميراً لمكة المكرمة صدر الأمر الملكي قبل قليل، الجميع يُهنئ... كل منا يُعانق الآخر. أنا شخصياً لا أعرفهم ولكن الفرحة عارمة والشرف عظيم يجعلك تتفاعل دون تفكير، فالكل فرح ومسرور بلغ عدد من قبّلتهم في تلك اللحظة خمسة بمن فيهم مديري الذي كان يرافقني دون أن أعرفه..
آها.. الخطة تغيرت الآن والحدث تحول من لقاء حول (الجامعة) إلى لقاء عن (أمر ملكي كريم وشرف عظيم وخبطة صحفية من العيار الثقيل) فنحن سنحظى بتصريح فوري وحصري من أمير مكة المكرمة المعين بعد دقائق فقط من صدور الأمر الملكي الكريم بتعيينه، وهذا في ميزان ومعايير وأعراف أهل الإعلام له قيمته..
تمَّت الأمور كما أردنا وكان الأمير بشوشاً ضاحكاً وقال: (وجهكم وجه خير، ولقاؤكم مبروك) شكرَ خلاله خادم الحرمين الشريفين على الثقة الغالية ودعا للأمير عبد المجيد بالرحمة ووعد بالكثير للمنطقة وأهلها.. بعد ذلك عدنا وأطلقنا التصريح الحصري بشكل عاجل ومنذ ذلك الحين، وأنا أتصيد الفرص للقاء سمو الأمير لتذكيره بهذا الموقف، فيقابلني بابتسامة ويقول: (نعم أذكر حياك الله)...
آحم... آحم... هكذا نحن الإعلاميين نعرف الكثير ويعرفنا الكثير ولكن تبقى الذكريات المشتركة هي الفيصل بيننا..
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net