هل فعلاً تجاوز الأشقاء الفلسطينيون الانقسام، وأنهم استطاعوا طي صفحة قاتمة من التخاصم الوطني لنيل الحرية والاستقلال وتحرير الإنسان والأرض من الدنس الصهيوني؟!
اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية الذي وُقِّع أمس في القاهرة، ليس الأول وإن كنا نتمنى أن يكون الأخير، لأن كثيراً من اتفاقيات المصالحة الفلسطينية التي أصبحت من كثرتها يخطأ الذي يحاول إحصاءها، لأن الأشقاء الفلسطينيين وقَّعوا اتفاقات في القاهرة ودمشق وفي العديد من العواصم العربية والمدن الفلسطينية، ومع هذا فقد تنصَّلوا من كل الاتفاقيات السابقة، ومن أهم الاتفاقيات التي لم يلتزم بها الفلسطينيون اتفاق مكة المكرمة الذي لم يصمد طويلاً، وهو الذي أُبرم بجوار بيت الله الحرام وفي أفضل بقعة، ومع هذا لم يُلتزم بها. ولهذا فإن اتفاق المصالحة الأخير يظل أمراً في تنفيذه وإقراره حتى تتم مراحل تنفيذ بنوده، وتلغى فواصل الانقسام بين (السلطتين) سلطة رام الله وسلطة غزة، وأن يتم إزالة صور الانقسام على الأرض الفلسطينية في القطاع والضفة، وأن يعود التلاحم بين أبناء الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة الفلسطينية، بحيث يكون القرار الفلسطيني قراراً مستقلاً يستوحي المصلحة الوطنية العليا دون أن يخضع لإملاءات ممن (يستثمرون) في القضية الفلسطينية ويستغلون الانقسام بين الفصائل الفلسطينية فيوظفونه لخدمة أجنداتهم التي ليست بالضرورة تتطابق وتخدم القضية الفلسطينية إن لم تكن تتعارض مع المصلحة الفلسطينية كما أثبتت الأحداث طوال أعوام الانقسام الماضية.
عودة الوئام وإنهاء الانقسام والعمل بصدق وجدية على إعادة العمل الفلسطيني الموحد مطلب لم يعد فلسطينياً فحسب، بل هو مطلب عربي بات ملحاً في ظل ما تشهده المنطقة العربية من رياح تغيير إيجابية، والتأخر الفلسطيني في التوافق مع مناخات ما تشهده المنطقة العربية ينعكس سلباً على الواقع الفلسطيني الذي لابد وأن يكون أكثر المتأثرين وليس آخر الملتحقين بعملية التغيير.
والأهم من ذلك هو الالتزام بما يتم الاتفاق عليه وتنفيذه وليس كالعادة في (التحلل) من الاتفاق بعد أن تزول الظروف وتستجد أحداث أخرى.
