نزلت مقالتي بجريدة الجزيرة يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الأولى 1432هـ - الموافق الثامن والعشرين من شهر إبريل 2011م. في الثانية والنصف بعد الظهر دق جرس الهاتف.. يسأل دكتور أحمد تمراز.. نعم أنا، سمو الأمير سلمان سوف يكلمك بعد شوية، أنا لم أصدق نفسي ولا أذني.. لا أخفيك اهتز توازني.. أنا أستاذ جامعي.. صحيح خبرة طويلة في المجال الأكاديمي والبحثي، وأعمل بالمملكة منذ أربعة عقود، أنا إنسان بسيط يتصل عليَّ قامة عظيمة، وأمير وصف بالنبل والكرم والوفاء.. إنه سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- وحديث أخوي أزال تلك الهيبة التي ملأت قلبي، وروعتي. ولعل هذه من السمات الشخصية لسموه الكريم ومواقفه الإنسانية التي يتمتع بها في تعامله مع الغير.
بدأ بحديثه الأبوي.. الأخوي عن مقالتي بعنوان: «ناصر الشثري والأخ العقيد.. في الحافلة» وأعادني إلى تاريخ الرياض قبل أكثر من عقدين يُذَكِّرني ببعض الوقائع التي حدثت أثناء زيارة العقيد صاحب الزنقة إلى الرياض عام 1399هـ - 1979م، وإصرار زوجته النزول إلى سوق الرياض وإصرارها على عدم وجود مرافقين أو حراسة معها وبدون ترتيبات أمنية مسبقة. إلاّ أن تعرض رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها حيث وقت صلاة الظهر وينشط رجال الهيئة في أداء وظيفتهم. وكانت زوجة العقيد ترتدي ثوباً قصيراً -وليس مربية كما ذكرت في مقالي- الأمر الذي أدى بأحد رجال الهيئة إلى نصحها بالحشمة. وتكهرب الموقف بسبب أخو زوجة العقيد الذي كاد أن يتشابك بالأيدي مع رجال الهيئة الذين يؤدون عملهم. ولولا سرعة تصرف مندوب المراسم، واتصاله بالشيخ عبدالوهاب عبدالواسع وشرح الموقف له، حيث اتصل بسرعة بسمو الأمير سلمان، الذي توجه إلى قصر الضيافة وشرح بهدوء للعقيد دور رجال الهيئة، وأنه طلب عدم وجود مرافقين ولا حراسة. فلم يتمكن رجال الهيئة من معرفة شخصية الضيفة التي يتعاملون معها. فكانت لباقة ودبلوماسية الأمير سلمان والحضور الإنساني له، فَكَّت الاشتباك وأعادت العقيد إلى رُشْدِه بعد أن هدَّد بمغادرة الرياض.. وأن ما حدث هو إهانة شخصية مقصودة، وتم احتواء الموقف.
إن سلمان بن عبدالعزيز حاكم منطقة الرياض بكل تداعياتها ومشاكلها التنموية والاجتماعية يديرها سلمان بن عبدالعزيز منذ نصف قرن تقريباً، بذكاء وحنكة إدارية.
إن شخصية سلمان بن عبدالعزيز وحضورها الديني والسياسي والاقتصادي محلياً وعربياً ودولياً لم تُعْفِيه من قراءة مقالات الصحافة وسطورها، بل قراءة ما بين السطور.
د. أحمد بن علي تمراز