زيد بنى بيته دون تمديدات صحية ودون تمديدات لصرف مياه الأمطار التي تسقط على سطح وحوش المنزل، وعندما سكن اكتشف أن المياه التي يستخدمها ومياه الأمطار لا تنصرف وتبقى في المنزل مدمرة الأساسات والديكور والأثاث والبويات، جاره عبيد قال له إن ما فعلته ضرب من الجنون وعليك أن تكسر منزلك لتمدد وإلا فمشاكلك لن تنتهي ويصبح بيتك غير ملائم صحيا وبيئيا ويعرضكم لمخاطر المرض والموت كما يعرض أموالكم للتبديد باستمرار.
ما فعله زيد في منزله فعلته البلديات في مدننا حيث ترخص لمخططات سكنية دون إلزام ملاكها بتمديد الصرف الصحي وتصريف الأمطار ولكن لم يأتِ عبيد لينصحها في الوقت المناسب حيث تتجه مياه الصرف الصحي إلى باطن الأرض تحت المساكن ما رفع منسوب المياه وأدى إلى الضرر بقواعد المنازل كما أدى إلى الإضرار بالمياه الجوفية أما ما تم صرفه فتم التعامل معه بطرق عجيبة وعشوائية حتى تشكلت لدينا في جده ما يسمى بـ «بحيرة المسك» كاسم ضد «لبحيرة الزفت»، أما مياه الأمطار فقد لعبت دور «الفاضح» للفساد الإداري والمالي في البلديات بعد أن أدت لخسائر بشرية ومالية كبيرة وصلت للمليارات التي لو دفع نصفها لتخطيط وتنفيذ شبكات الصرف الصحي وصرف الأمطار لما حدث ما حدث.
ورثت شركة المياه الوطنية المملوكة بالكامل لوزارة المياه والكهرباء هذا الواقع المؤلم والشاذ بعد أن أسندت إليها مهام مديريات المياه في كافة المناطق تدريجيا المعنية بمياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي، وهي خطوة جيدة في المسار الصحيح لمعالجة ما يمكن معالجته بالنسبة لمشكلة مياه الصرف الصحي التي لوثت البيئة تحت الأرض وفوقها.
ولكونها شركة تعمل وفق معايير القطاع الخاص فقد هدفت لأن تصبح منشأة تقدم خدمات المياه بمعايير أداء عالمية تتمتع بأفضل معايير التميز من الناحية التشغيلية، والسعي لرضا العملاء، واستمرار تدفق الموارد المالية وقدرتها على البقاء، ومن أجل تحقيق هذا الهدف قامت شركة المياه الوطنية في مايو من العام 2010م بتشكيل إدارة جديدة تسمى «إدارة تطوير الأعمال» تتركز جهودها على تطوير بيع واستثمار مياه الصرف الصحي المعالجة، واستغلاله كمنتج قابل للاستخدام لتحقيق أهداف متعددة من ضمنها استمرار الحصول على الموارد، والرفع من كفاءة العمليات وتحقيق موارد مالية للشركة، أي «رسملة مياه الصرف الصحي» وتحويلها من مشكلة مدمرة إلى حل يأتي بالإيرادات ويدعم خطط التنمية الوطنية، وهذا هو ما نريد.
وكما نقول للمسيء أسأت فإننا نقول للمحسن أحسنت تقديرا له ولجهوده لحثه على المزيد من العطاء والإنجاز والإبداع، ولقد أسعدني أن أطلقت شركة المياه الوطنية مبادرة جديدة تهدف لاستعمال المياه المعالجة لأغراض الاستخدامات غير الآدمية في المدن الرئيسية في المملكة وهي الرياض، جدة، المدينة، مكة المكرمة، الطائف، الدمام والخبر من خلال توفير كميات كبيرة من المياه المعالجة كمصدر يمكن الاعتماد عليه، ذي مواصفات جيدة وبأسعار منافسة لاستخدامها في عدد من الأغراض كالصناعة والتجارة والزراعة وأنظمة تبريد المناطق، مما سيساعد أيضاً في عمليات إدارة الطلب على المياه وحماية البيئة من خلال التقليل من أضرار ومخلفات الصرف الصحي، ومن ثم العائد الاقتصادي، وهو أمر يؤكد مضي الشركة في تنفيذ خطتها.
كما أسعدني أيضا فوز الشركة بالمركز الأول، وحصولها على جائزة أفضل مشروع بيئي لعام 2011م في مؤتمر جوائز المياه العالمية لعام 2011م عن مشروع تجفيف بحيرة الصرف الصحي بمحافظة جدة التي كانت تهدد مدينة جدة صحيا وبيئيا وأمنيا حيث كان يخشى سكان المدينة انفجار سدودها، وهو إنجاز يؤكد جاهزية الشركة وقوة إدارتها ومواردها حيث قامت بتنفيذ التوجيهات السامية بتجفيف بحيرة الصرف الصحي وفق معايير مهنية وبيئية رفيعة حازت إشادة مجلس أمناء الجائزة العالمية، وبتنويه خاص على تكامل عناصر المشروع، وسرعة التنفيذ في وقت قياسي، إضافة إلى الجودة المتحققة.
نفخر بشركة أرامكو في إدارة وتنفيذ المشاريع الكبرى فأسندنا لها جامعة كاوست، واليوم نفخر بشركة المياه الوطنية التي نجحت في معالجة الكثير من مشاكل الصرف الصحي وحولها من مشكلة إلى حل لكثير من المشاكل، والأمل معقود عليها للإسراع في معالجة كافة مشاكل الصرف الصحي في بلادنا بأسرع وقت، وأدعو الحكومة لإسناد حل مشكلة تصريف الأمطار لها دعما للبلديات التي لازالت تعمل وفق الأنظمة الحكومية الروتينية المعيقة للابتكار والإبداع والإنجاز السريع.