|
الجوف - محمد الرويلي
ما أن يرحل إبريل حيث آخر النسائم الشمالية والهبائب الباردة، حتى يبدأ ملاك المواشي ومربو الأغنام في مطلع مايو حيث الصيف يلوح بيديه بموسم (القصاص وجز الصوف) ويتكرر ذلك سنوياً، وقد كان لهذا الموسم في السابق عند أهل البادية طقوسا خاصة وأعرافاً تم توارثها. ففي موسم القصاص يجتمع أهالي (النزل) بعدما (ينخاهم صاحب الشلية) لمساعدته ومعونته، بعدما يكون قد أعد لهم بيتاً خاصاً للقصاص يقدم فيه ( الغداء للعونة) وذلك لقص صوف أغنامه هذا العمل الذي يتسم بالطابع الجماعي حيث يتميز بنشاط حماسي يرافقه الغناء وإنشاد الإشعار الغزلية والتراثية مثل الحداء والهجيني ومن ذلك:
قري واستقري بالكرباز الزيني ..... يستاهل راعايك ذباح السميني، ويرافق هذا العمل التعب والنصب والعناء والمشقة من شروق الشمس حتى المغيب، وبعد الفراغ من القصاص يتم جمع الصوف الذي يستخدم لأغراض تجارية وشخصية وحياتية. وعن الأجواء المصاحبة لعملية القصاص يتحدث مونس نخيلان، فيقول: إنه عادة يكون هناك نوع من السباق بين اثنين من القواصيص، وعندما يسبق أحدهما الآخر بسرعة القص وإنجاز العمل يحمل الصوف ويرميه على رأس الآخر دلالة على فوزه وخسارة منافسه وهو يردد (طلوقها) فيرد عليه البقية (يعيش اللي فوقها) ككلمة تشجيعية ومحفزة.
وذكر أبو جراد عطيش الرويلي: أن هناك أوضاعاً خاصة تستخدم لربط الأغنام قبل قصها، فالمضاريع (الرغث) تربط يدها ورجلها من جهة واحدة ولها معاملة خاصة للإسراع (بجزها)، أما (الجلد) والخراف فتربط جميع أيديها وأرجلها وتقص (بالزو) وهو مقص كبير الحجم يستخدم يدوياً وهناك أيضاً مقصات كهربائية ولكنها غير عملية ولا تستخدم كثيراً على حد قوله. وعن القصاص في وقتنا الحالي يتحدث لـ(الجزيرة)، أبو ثامر المعوي الرويلي أحد أقدم ملاك الأغنام بالجوف فيقول: إن الطرق السابقة في القصاص لم تعد متاحة بسبب وجود العمالة الأجنبية التي تقوم بالقصاص بمبلغ مالي يتراوح بين 4-6 ريال للرأس، كما تقوم بعض العمالة بتصدير الصوف إلى تركيا وبلاد الشام لعدم وجود مصانع مختصة رغم جدوى ذلك وكثافة الثروة الحيوانية في بلادنا.