لا يتخذ المريدون لأي بلاد ملعباً لهم ليسيئوا لها ما لم يجدوا مساحات شاسعة تسمح لهم بذلك بين شباب الأمة وسواعدها، ولن يستطيعوا تحقيق أي من أهدافهم الشيطانية المرسومة بعناية فائقة والمخطط لها سلفاً إن
لم يجد أولئك المغرضون شبابًا خاليًا من الفكر ويسيطر عليه الخواء الفكري، ولن تقوم لهم قائمة وسيعجزون عن تحقيق مآربهم إن واجهوا عكس ذلك مما وصفت سابقاً.
الوطنية وحبها وحب تراب الأرض والدفاع عنها يهتفوا جميعهم وبكل قوة وبكل صوت مرتفع لشبابنا وبناتنا بأن ينازلوا من أراد ببلادنا سوءاً، يحاربوا كل من أراد تغريبهم في أرضهم وتمزيق شتاتهم وزعزعة ثقتهم بأنفسهم وبقيادتهم، وفك ارتباطهم والتصاقهم بقيادتهم، لقد اشتاقت الوطنية للتغزل بها، فهذا زمن التغريد والأفعال وهذا وقت التعاضد بين الروح والوجدان في سبيل الوطن وحبه والفداء له.
هذه الأرض التي ما بخلت بطيباتها علينا وعلى أبنائها وبناتها، وألبستنا جميل الثياب وأعطتنا كثير المال والألقاب، حتى وإن أصاب بعضنا القليل من الحرمان في الوظيفة أو المال أو الجاه فتظل وطنيتنا فوق كل اعتبار وتظل قيادتنا جزءًا من وجودنا ورمزًا عزيزًا في كياننا وهامة عالية في سمائنا.
الوطنية هي النار التي آنستم وجودها في أحشائكم، والتي تشعرون بها حينما يقترب أحد المريدين بلادكم بسوء، تلك النار التي حملناه في أفئدتنا إلى هذه الأرض، ولكنها اليوم تبدو هامدة مرتعشة وجلة توشك على الانطفاء إلى الأبد، فلا نجد في ملامح الأفق لدى شبابنا وشاباتنا نزعة نحو الدفاع عنها وعن ترابها وأرضها، ولا نشعر بدفء تلك النار إن اقتربنا منهم ومن نارهم التي توشك على الانطفاء.
إننا لنناشدكم يا أبناء هذا الوطن البررة في كل مكان فيه من شماله لجنوبه ومن غربه لشرقه ألا تدعوا هذه النار تخفت وتنطفئ، انفخوا فيها من أرواحكم وألقموها قلوبكم وأطعموها عقولكم لتعود تتأجج من جديد وتنير لهذا الشعب مصابيح الهدى والإيمان. أوليس ذلك حق المواطنة عليكم، أوليس هذا ما عاهدتم ربكم ثم ولي أمركم عليه، فعودًا قبل فوات الأوان فمن أدرك الطريق وطرقها وهزها ورجها فتحت له ولو بعد حين.
لا تقولوا: ما نحن؟ ومن نحن؟ وأنى لنا أن نرد كيد المكيدين أو سوء المسيئين؟ وأنى لنا أن نؤجج وطنيتنا ونارها ولهيبها ونتعاون ونتكاتف ونتقارب لنكون على قلب واحد في ردهم بما يكيدون؟ وكيف لنا أن نتسلح بالإيمان في صدهم وما يخططون؟ وبماذا نتسلح ضدهم وهم قد أعدوا العدة لنا بإعلامهم وقنواتهم وأصواتهم؟ ونحن نقول لكم: إن عز السلاح عليكم فليكن تعاوننا هو السلاح الذي به نسكتهم، وليكن تعاضدنا القوة التي بها نخرسهم وولائنا لولاة أمرنا الشارة التي نرفعها في وجوههم.
لا تستمعوا إلى ما يقوله أعوانهم من شياطين الإنس المثبطين والمعوقين الثرثارين، وهم يتخافتون متهامسين: أي خيال ضبابي يتشبث به هؤلاء. وأي حلم وردي يغرقون أنفسهم فيه. وأية آمال بعيدة المنال يركضون وراءها؟ أثبتوا لهم أننا أمة تخاف الله وتطيع ولي أمرها متعاضدة متماسكة لا تهزها ريح عاتية ولا تزعزعها كلمة بالية تصدر من هنا أو هناك، أثبتوا لهم مقدرتنا على ردهم وصدهم وكل من تسول له نفسه الاقتراب من أرضنا بالكلمة أو بالفعل وكل من يحاول ذر التفرقة بيننا وزرع الحسد والفتنة بغية تحقيق مدخل له ليصل لما يريد من أهداف شيطانية لا غاية منها سوى ما يرضي الحاسد عادةً وهو زوال النعم.
لا تجعلوهم يفقدونكم إحساسكم بالوطنية وكرامة المواطنة مهما عانيتم من بعض توافه الأمور على أرضكم، فدوام الحال من المحال، وهذا هو أبو متعب أيده الله وأطال بعمره على الحق يُتبع المكرمة بأخرى ويعمل ليلاً نهاراً جاهداً مجتهداً لتحسين أوضاعنا وأوضاعكم، فقوموا وأوصدوا أبواب اليأس وافتحوا أبواب الأمل والتفاؤل، خيالكم اليوم هو حقيقة الغد، والأمة التي يعقم خيالها، يعقم ذهنها ويتبلد وجدانها.
أحبوا بلدكم التي منت عليكم بالخير الوفير بكل حبة من قلوبكم وليكن همكم بها فوق كل هم. ومحبتها فوق كل محبة. فإذا أحببتموها سهل عليكم ما تلقونه في سبيلها من متاعب ومشقات، وسهلت عليكم التضحيات، ورد كل من أراد بكم وببلادكم من سوء أو زعزعة استقرار، ونحن بحمد الله نعيش الأمن والآمان في كل مكان. إلى لقاء قادم إن كتب الله.
alkami@ksu.edu.sa