يشهد المجتمع الأكاديمي اليوم السبت ولادة الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان. وتعد الولادة تغييرا في التفكير الأكاديمي والمهني لدى أساتذة هذا العلم بعد المخاض الطويل الذي عاشته العلاقات العامة في العديد من دول العالم وبخاصة الدول العربية، حيث اختصر دورها على التشريفات والجانب الخدمي, وإن كان هذا إحدى مجالاته لكن علم العلاقات خلال سنواته الأولى وبداياته مع أقسام الإعلام بنيت منهجيته الأكاديمية والإدارية على التشريفات والتحلق حول هرم السلطة الإدارية والهندسية وتقديم الخدمة العامة للعملاء ومستفيدي الخدمة... العلاقات العامة هي شأن مستقل بذاته، وكمهنة لها تصنيفها وتوصيفها الوظيفي, ولها (تسكين) في الهيكل الوظيفي, وفي وزارات العمل والخدمة المدنية لها أيضاكيانها وتدرجها في السلم الوظيفي تصل إلى أعلى المراتب مرتبة وكيل وزارة في الهيكل التنظيمي لقطاعات الدول... هذا العلم والمهنة والوظيفة مثل العلوم الأخرى طرأت عليه تطورات في بنيته وفلسفته وأدائه شملت الأدوات والأساليب وإرهاصات ذلك التطوير والتغيير ما عاشه العالم العربي إبان احتلال الكويت عام 1990م وما تلا ذلك من أحداث التحرير 91م ثم (11) سبتمبر عام (2000م) وغزو أفغانستان (2001) واحتلال العراق 2003م حتى مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن مايو 2011م، حيث نقلت فكر وفلسفة ومنهجية العلاقات العامة من حيث التصنيف من تلازمه لقسم الإعلام في التخصصات الجامعية إلى قسم وتخصص العلوم السياسية أو بشكل اشمل كلية العلوم الإدارية... فالحروب التي خاضتها أمريكا في المنطقة العربية قامت بالتدريج بدأت: أولا العلاقات العامة وهو إجراء مدني يقوم على شراء المعلومات وتغيير الولاءات والمواقف بالمال والوعود. ثانيا: الاستخبارات وهي عمل شبه عسكري يقوم على تنفيذ عمليات عسكرية بغطاء وهيئة مدنية أبرزها التصفيات الجسدية والاغتيالات. ثالثا: العمل العسكري تحريك الجيوش وحرب المدن. إذن هي قفزة من عمل التشريفات والاستقبال وإعداد أوراق الاتفاقيات والإشراف على وجبات الطعام وعمل ترتيبات المواصلات والحجوزات والهدايا إلى الانتقال لمهام أخرى بأن يكون عنصر العلاقات العامة عضوا بارزاً في عمل التخطيط في مجال:السياسة والإدارة. في الحالات التي أشرت إليها بأن يكون دوره يسبق الإجراءات التنفيذية. وهنا أتوجه لمعالي وزير التعليم العالي د. خالد العنقري الذي يرعى اليوم السبت حفل ودشين الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان كما أتوجه أيضاً إلى رئيس الجمعية الزميل د. محمد الحيزان، وإلى الزملاء المشاركين في الملتقى السنوي الأول إلى تغيير وتطوير مفهوم العلاقات العامة ونقلها من مربع الخدمي إلى مربع التخطيط, وكذلك إعادة النظر في تبعيتها الأكاديمية لترتبط بالعلوم السياسية والإدارة والتسويق لتكون ضمن تخصصات العلوم الإدارية في الجامعات السعودية. لأن علم العلاقات العامة يخطط ويسبق ويقود الوسائل الإعلامية وهو أحد الأذرع للسياسة والإدارة وما أنجزته أمريكا في سياستها الناعمة (العلاقات العامة) يفوق تحرك جيوشها ومازالت تعمل بالعلاقات العامة وتحقق أنجح وأفضل سياستها.