كـــثيرون أولئك الذين يكنون التقدير والاحترام والإعجاب، بسماحة الشيخ الجليل، العلامة الكبير، مفتي جنوب لبنان سابقاً السيد علي الأمين، كثيرون يحملون له في وجداناتهم الكثير من الود، بسبب مواقفه الشجاعة المعلنة من القضايا العقدية والسياسية في المنطقة العربية، يثمنونها له عالياً، المتابع لأحاديث سماحته المسموعة والمقروءة يدرك أنه شيعي المذهب، وفي الوقت نفسه يدرك أن آراءه الفقهية ومعتقداته الفكرية وأخص ما له علاقة بحب آل البيت، والترضي على الصحابة، تتوافق في جلها مع المذهب السني، ويدرك أيضا أن سماحته عالم متوازن وسطي عادل واسع الأفق، لا يكاد السامع أن يختلف معه البتة في كل مواقفه وآرائه المعلنة، سواء في بعدها الديني أو السياسي.
تحدث سماحته إلى صحيفة الرياض بصراحة ووضوح، مفندا ومنتقدا مواقف كل من السيستاني وإيران من الأحداث المتوالية في المنطقة العربية، وقد جاء في ملخص حديث سماحته، أن مواقف السيستاني من الأحداث والمظاهرات التي حصلت في بعض الدول العربية متناقضة، فقد أصدر السيستاني فتوى تحرم المظاهرات في بغداد والعراق، بينما أيد وساند المظاهرات التي حدثت في مملكة البحرين، ولا عجيب لفتوى التحريم، فقد كشف أحد قادة الاحتلال الكبار أن السيستاني قبض ثمن الفتوى مسبقا، فهذه الفتوى قصد منها تمكين المحتل من العراق دون مقاومة، و فتح أبواب العراق مشرعة لإيران التي يدين لها السيستاني انتماء وولاء، ومن أوجه التناقض أن السيستاني لم يقف مع شيعة إيران في مظاهراتهم ضد الظلم والحرمان الذي يعانون منه طيلة حكم الملالي، لكنه في الوقت نفسه يصر على تأييد مظاهرات الشيعة في مملكة البحرين، ومازال يحرض عليها، هذه المواقف المنحازة المتحيزة المتجردة من القيم والأخلاق، غير مستغربة من مثله، المستغرب أن يكون السيستاني مناط ثقة المؤمنين بمذهبه، أو أمل المستضعفين منهم، لقد ثبت هذا من سكوته المخجل عن الأحداث الجسام التي عاشها أهل العراق ومازالوا من المحتلين وأعوانهم، والمتمثلة في القتل والتدمير، وهتك الأعراض، إنه آخر من يمكن الاستعانة به للانتصار والمقاومة، لقد بات المحتل مؤمن الظهر آمنا بفضل فتواه التي تتعارض مع الدين والقيم والأخلاق، لهذا وبسبب هذه الفتوى بالغ المحتل في الهتك، وأوغل في القتل.
ومن أوجه التناقض المخزية السافرة لإيران، تلك العلاقة الحميمية بالعراق، على الرغم من أن ثلة قليلة من العراقيين المنتمين لإيران مذهبياً هي التي سهلت للقوات الأمريكية احتلال العراق، وهي التي رضيت بأن يظل مسلوب الحرية والإرادة، لم تستنكر إيران هذا، لكنها وأبواقها في لبنان والعراق لم تجد غضاضة في التهجم على استجابة درع الجزيرة لنداء النصرة من الإخوة في البحرين، الذين هم شركاء مؤسسون في هذا الدرع، هذا الدرع الذي لبى النداء لضبط الأمن من شرور العابثين، ولحماية الممتلكات من التدمير والسلب والنهب، الفرق شاسع بين القوات الأمريكية الغازية التي جاءت استجابة لفرقة خارجة، وبين درع الجزيرة الذي جاء استجابة لطلب حكومة شرعية تبين لها أنياب الغدر والخيانة من جار شيمته الغدر، ولهذا لم تستح إيران وأبواقها وهي تؤيد مظاهرات العبث في البحرين، بينما أصاب لسانها الصمم، وعيونها العمى، عن مظاهرات العراقيين الأحرار الذين يطالبون بطرد الغزاة المحتلين.
يخطئ كثيراً من يعد الشيعة أمة واحدة، فالتشيع الصفوي يعد خارج الإطار العام للتشيع، فقد تبين أن التشيع العربي أكثر عقلانية وتوازنا من التشيع الصفوي في إيران، ولهذا فجل من استمع إلى آراء سماحة العلامة الجليل علي الأمين يتفق معه دون تردد، فأهل السنة جميعهم يعدون حب آل البيت عليهم السلام من الثوابت الشرعية، كما أن من الشيعة العرب من يشاطر السنة في الترضي على الصحابة، والبراءة من سب أمهات المؤمنين والتطاول عليهن، وشتم الصحابة ولعنهم.
إن أوجه التوافق بين السنة والشيعة العرب والمتمثلة في حب آل البيت والترضي على أمهات المؤمنين والصحابة، توجب إنشاء مرجعية شيعية عربية، ودعم هذه المرجعية لتبوء بنفسها بعيداً عن المرجعية الصفوية في قم، أو مرجعية الصمت في كربلاء، إن تبني هذه المرجعية يعد ضرورة حتمية لتعزيز روح التآخي والمحبة بين السنة عامة والشيعة العرب خاصة، وهي ضرورة تقتضيها الظروف الحالية التي تحتم قطع الطريق على التشيع الصفوي الذي يثير الفرقة والفتنة والتناحر والتباغض بين المسلمين عامة والسنة والشيعة خاصة.
ab.moa@hotmail.com