كلنا قد سمع بعجائب الدنيا السبع، لكن لو طُلب منك الآن أن تسردها فهل ستستحضرها؟ طبعاً هذه ليست معلومة ضرورية لكنها من المعلومات الشيقة التي مرت على الكثير من الناس حول العالم لمئات بل آلاف السنين. بدأت الفكرة عندما قام الإغريق بغزو الكثير من البلدان والحضارات التي حولهم (كلمة «إغريق» تعنى اليونايين القدماء). عندما احتكوا مع هذه الحضارات رأوا فيها العجيب والغريب وما لم يروا مثله في حضارتهم رغم أن الحضارة اليونانية القديمة هي من أكثر الحضارات تقدماً وتميزاً، ولا زال البشر اليوم يتناقلون سيَر حكماء اليونان مثل الطبيب جالينوس (روماني لكنه يوناني الأصل) والفيلسوف سقراط والكثير غيرهم. بعد هذه الغزوات صار المسافرون اليونايون يزورون مواطن الحضارات الفارسية والبابلية والمصرية وينقلون ما يرونه من معالم وطقوس إلى أهل بلدهم، وهكذا بدأت هذه القائمة - قائمة عجائب الدنيا -، ولعل أقدم ذِكرٍ لعجائب الدنيا هو قصيدة للشاعر الإغريقي أنتيبطرس في القرن الثاني قبل الميلاد، أي قبل قرابة 2200 سنة، فيقول: «لقد حدّقتُ في جدران بابل المنيعة والتي لطالما جَرَت بجانبها العجلات الحربية التي تقودها الخيول، وتأملتُ في تمثال زيوس على ضفاف نهر ألفيوس. رأيتُ الحدائق المعلَّقة، وتمثال رودوس العملاق، وتلكم الجبال العظيمة التي صنعتها يد البشر على هيئة أهرام، وضريح ماسول الضخم. لكن عندما رأيتُ معبد آرتميس والذي يطاول السُحب فإن كل ما عداه يتضاءل».
في هذه القصيدة يذكر الشاعر أنتيبطرس ستة من العجائب السبع وأغفل الأخيرة وهي منارة الإسكندرية. لنأخذ الآن جولة شيقة مع عجائب الدنيا القديمة: (1) تمثال زيوس: تمثال طوله 12 مترا، صُنِع عام 432 قبل الميلاد من العاج والبرونز المطلي بالذهب وكان جزءاً بارزاً من معبد قديم اسمه معبد زيوس في مدينة أوليمبيا في جنوب اليونان، والتمثال عبارة عن الإله اليوناني زيوس جالساً على كرسي، في إحدى يديه تمثال صغير وفي الأخرى صولجان من الذهب. اندثر المعبد مع تمثاله منذ زمن بعيد، ففي عام 425م احترق المعبد واحترق معه التمثال ولم يكن له أثر بعدها. (2) حدائق بابل المعلقة: بابل قديماً كانت حضارةً عظيمة، وفي عهد الملك بختنصر أمر الملك بإنشاء تلك الحدائق، وسُمّيت «معلقة» لأنها وُضِعت في كل مكان حتى في الشرف العالية، يخدمها نظام ريّ متطور، وكان هذا منظراً فريداً غير مألوف آنذاك، وسبب إنشائها هو أن بختنصر تزوج أميرةً من مملكة في أرض فارس، ولما مكثت في بابل اشتاقت لأرضها الملأى بالزرع والشجر والنبات، فأمر بختنصر بإنشاء تلك الحدائق ليسليها. دمّرها زلزال في القرن الأول الميلادي ولا أثر لها اليوم. (3) معبد أرتميس: كثير الأعمدة، أُنشئ في اليونان قبل 3 آلاف سنة، تهدم مرتين، المرة الأولى دمّره فيضان وأُعيد بناؤه عام 550 قبل الميلاد واستغرق مشروع إعادة البناء 120 سنة، والمرة الثانية أحرقه أحدهم طمعاً في الشهرة، والمرة الثالثة والأخيرة دمّره اليونانيون بعد أن تنصروا ورأوا أن المعبد وثني. (4) تمثال رودوس الضخم: بُني تخليداً لإله الشمس اليوناني هيليوس في جزيرة رودوس وذلك على هيئة رجل واقف قد وضع كلاً من قدميه على قاعدة حجرية مكعبة، بينهما مسافة تسمح بمرور السفن أسفل التمثال، وطوله 30 متراً. لم يلبث إلا 56 سنة إلى أن دمّره زلزال أصاب المدينة. (5) ضريح ماسول: مبنى مستطيل ذو قبة مثلثة طوله 45 متراً وبُني لبعض الملوك في اليونان عام 350 قبل الميلاد، ودمّرته عدة زلازل على مر القرون، إلى أن مر الصليبيون على المنطقة وفككوا ما بقي منه وأخذوه معهم عائدين لبلادهم عام 1494م فاندثر بلا أثر. (6) منارة الإسكندرية: منارة أو فنار بُني عام 280 قبل الميلاد بأمر من المقدوني بطليموس الأول - خليفة الإسكندر الأكبر - وذلك على جزيرة مقابل الإسكندرية في مصر. كان أعلاها مضيئاً وغرضها هداية السفن والمبحرين ليلاً لئلا يتوهوا. طولها 140 متاً وظلت لعدة قرون أطول بناء صنعه البشر. ثم في القرن الرابع عشر ضرب زلزالان تلك المنطقة ودمرا المنارة. (7) الهرم الأكبر: هرم الفرعون خوفو هو أقدم وأكبر الأهرام الثلاثة، بُني عام 2540 قبل الميلاد على مدى 20 سنة، وكان طوله 146 متراً ونقص قليلاً على مر الزمن، وهو الوحيد من العجائب السبع الذي لم يُدمّر وبقي إلى اليوم.