مدغم أبو شيبه، شاعر متحالف مع الجزالة، ومتآلف مع الموضوعية، يسكنه الإبداع، ويتوّجه التميز.. يتبعه جمهور غفير من أصحاب الذوق الراقي والاختيار السامي الموفق. ومن يعرف قصائد مدغم أبو شيبه كمن يعرف لذة ماء السحاب ونقاءه وغزارته. شاعر عندما يحضر يحضر الربيع، وتزدهر المفردات وتتنامى الصور، وتتبلور الأخيلة.. سبكه انسكاب.. وحبكه ارتواء..

عندما تتبعت قصائده أبيت إلا أن أختار مفردة هطلت أمامي كثيراً حتى جعلتني أرتوي منها وأؤمن بأن له منها نصيب بغزارته وجزالته وفائدته الأدبية. ألا وهي مفردة (السحاب) اقرؤوها إن شئتم هنا في بيتين متتالين من قصيدة واحدة عندما يقول:

عسى وادي خريم اللي عن العارض شمالٍ شرق..

ليا مرّه (سحاب) الصيف بيّح فيه مكنونه

من دموع (السحاب) وضحكة الغيم ورفيف البرق..

شهر والناس نصفٍ من وراه ونصف من دونه

وأغتسلوا منها هنا:

الدمع يغسلني من ذنوب الهوى يوم البروق..

تبرق بقلبي و(السحاب) تهل عيني ماطره

وادعوا له بالتوفيق من منشئها هنا:

تقبل الدنيا بما جتبه تروق أو ماتروق..

حظك ورزقك عند نشاي (السحاب) وفاطره

ولا تلومونه هنا:

كن (السحابة) وانا عيني على جيدك..

تشكلت فوق راسي من تنهاتي

وعندما تكون المفردة كالريشة الفاخرة. والشاعر كالرسام المبدع فتأملوه هنا:

يالوحةٍ من (سحاب) ونار وغيوم..

وإطارها وردتين ومزهريّة

ثم أيقنوا أنه سحاب الشعر عندما يقول:

عسى (السحاب) اللي تمثنى الاقاذيل..

يصب في راحة يديها خياله

ربما يجد غيري له مفردة أرقى وأنقى ولكنني وجدته هنا. فشكراً لإبداعه بعدد زخات أمطار تفرده وتميزه ورجولته.

وإلى أن نلتقي مع مطر مفردة شاعر آخر.. على الحب نلتقي

al-3ofy@hotmail.com