|
الجزيرة - خالد العيادة
راهنت وزارة العمل على الانتصار على المنشآت المتهربة من السعودة وأعلنت الوزارة أمس عن تصميمها الجاد في تحقيق اختراق حقيقي على جبهة التوطين الوظيفي وقالت: سيظل توفير وظائف للأيدي العاملة الوطنية واجباً لا حياد عنه، وعلى الجميع أن يعي أن توطين الوظائف بات ضرورة وطنية ملحة وليس مجرد اختيار. وتساءل وزير العمل قائلا: إن كنا قادرين على استيعاب أكثر من 8 ملايين عامل وافد فلماذا لا نستطيع استيعاب عُشر هذا العدد لأبنائنا وبناتنا السعوديين؟ وقال الوزير عادل فقيه خلال مؤتمر صحفي أمس تم خلاله الإعلان عن برنامج تحفيز المنشآت لتوطين الوظائف (نطاقات) إن آخر الإحصاءات الرسمية قدرت حجم السعوديين الباحثين عن عمل بحوالي 448 ألف مواطن ومواطنة - علماً بأن المؤشرات الأولية التي يمكن الحصول عليها من برنامج حافز تعطي انطباعاً بأن عدد الباحثين والباحثات عن العمل ربما يفوق هذا الرقم بمراحل - مقابل أكثر من ثمانية ملايين عامل وافد يعمل أكثر من ستة ملايين منهم في القطاع الخاص ويكلفون الاقتصاد الوطني فاتورة سنوية تبلغ حوالي 98 مليار ريال في صورة حوالات مصرفية إلى بلدانهم (حسب آخر بيانات مؤسسة النقد) بالإضافة إلى التكاليف غير المباشرة نتيجة الضغط المتزايد على قطاعات المرافق والخدمات في جميع مدن وقرى المملكة.
وقدر الوزير نسبة الزيادة السنوية للعمالة الوافدة بـ 5% وهي ضعف معدل نمو السكان السعوديين الأمر الذي يؤدي إلى اختلال واضح داخل سوق العمل السعودي ويحرم المواطنين تدريجياً من فرصهم العادلة في التنافس للحصول على الوظائف بالقطاع الخاص، خاصة مع تدني تكلفة العامل الوافد مقارنة بالسعودي التي غالباً ما يأخذها القطاع الخاص بعين الاعتبار بغض النظر عن الحاجة الوطنية الملحة لتعديل مسار توطين الوظائف داخل القطاع وانعكاساته على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني.
وفيما يتعلق ببرنامج نطاقات الذي وضع الإطار الأحمر ككرت للضغط على المنشئات المتهربة والمتحايلة على تطبيق السعودة قال الوزير إن هذا البرنامج سيضع معايير جديدة وملزمة لتقييم المنشآت في توطين الوظائف للتفريق بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة والأخرى غير الراغبة في التوطين وذلك بربط البرنامج بمصفوفة متدرجة من الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت حسب معدلات توطين الوظائف بها. ويصنف البرنامج الجديد منشآت القطاع الخاص إلى ثلاثة (3) نطاقات ملونة - الخضراء والصفراء والحمراء - حسب معدلات التوطين المحققة بتلك المنشآت بحيث تقع المنشآت المحققة لنسب توطين مرتفعة في النطاق الأخضر بينما تقع المنشآت الأقل توطينا في النطاقين الأصفر ثم الأحمر على التوالي حسب معدلات التوطين بها.
وكشف الوزير بأنه سيتم حرمان المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من تجديد رخصة عمل العمالة الوافدة. كما ستمنح المنشآت الواقعة في النطاق الأخضر حرية انتقاء وتوظيف ونقل كفالة العمالة الوافدة من منشآت النطاقين الأحمر والأصفر دون موافقة صاحب العمل مبينا انه سيتم الإعلان في التاسع من رجب المقبل عن تفاصيل المزايا والتسهيلات الإضافية التي ستستفيد منها المنشآت «الخضراء» بينما ستحرم منها المنشآت «الصفراء» و»الحمراء».
وأكد الوزير أنه خلافاً لنسب التوطين (السعودة) السابقة - التي حددت مسبقاً نسبة شبه موحدة لتوطين الوظائف بقطاعات العمل الخاص - فإن معدلات برنامج «نطاقات» واقعية ومستوحاة من واقع السوق، ومن واقع المعدلات المحققة بالفعل في المنشآت. وقد تم تصميم البرنامج على أن تقع غالبية المنشآت في النطاق الأخضر مما يضمن قوة تطبيق البرنامج وضمان استمرارية دوران عجلة الاقتصاد.
وأفاد الوزير أن معدلات التوطين ببرنامج «نطاقات» راعت خصوصيات أنشطة وأحجام العمالة بالمنشآت، وتمت دراستها في العديد من ورش العمل واللقاءات التي ضمت ممثلين عن الوزارة والمختصين بتنمية الموارد البشرية والاقتصاديين وممثلي القطاع الخاص.
وأبان إن الوزارة تسعى من خلال «نطاقات» إلى استخدام معدلات توطين الوظائف كميزة تنافسية بين منشآت القطاع الخاص تؤهل المنشآت الملتزمة من الحصول على حزمة تسهيلات ومحفزات، مما يسهل من معاملاتها العمالية ويعطيها المرونة الكافية لتحقيق مستويات نمو متصاعدة، كما يهدف البرنامج إلى خلق قدر من التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي من خلال رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية. ومن المتوقع أن يؤدي البرنامج إلى إعادة توزيع تسهيلات الوزارة - من تأشيرات استقدام ورخص عمل - وتوجيهها للمنشآت الراغبة في توطين الوظائف والملتزمة بالاستثمار في رأس المال البشري السعودي بغرض الدفع بعجلة نمو الاقتصاد الوطني.
ودعا الوزير المنشآت بأن تقوم منذ الآن وحتى رجب المقبل باستكمال تسجيل موظفيها السعوديين لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية لضمان احتسابهم في معدلات التوطين مما يرفع من درجة تقييم التوطين بالمنشأة في الوقت الذي يضمن خلق بيئة عمل أفضل للعمالة السعودية. وستعتمد الوزارة في تقييم نسب التوطين على قاعدة بيانات «التأمينات الاجتماعية» والذي سيحتسب آليا في الموقع الإلكتروني للوزارة.
وأوضح الوزير أن برنامج «نطاقات» يعد أحد أدوات مراقبة سوق العمل التي تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متزايدة لتوطين الوظائف بالقطاع الخاص والوصول بمعدلات البطالة إلى مستوياتها الدنيا. وعن آليات المتابعة والإشراف الخاصة بالبرنامج أشار الوزير إلى أن فرق التوطين والمتابعة بمكاتب العمل ستتابع بدقة امتثال القطاع الخاص لمعدلات التوطين الجديدة من خلال جولات التفتيش الميدانية. مؤكدا أن خادم الحرمين الشريفين وجه باعتماد توفير 1000 وظيفة جديدة ليتم تعيين مفتشين إضافيين على مستوى المملكة من أجلال الاستعانة بهم في برنامج «نطاقات».
وأفاد الوزير أن فرق العمل المكلفة بمتابعة تطوير برامج «نطاقات» عملت على فتح قنوات الاتصال مع كافة أطراف سوق العمل والمؤسسات لتبادل الآراء والوصول لحلول واقعية وعادلة تتناول تحديات التوطين والبطالة من منطلق يتسم بالمسؤولية والمشاركة المجتمعية. كما شدد الوزير على أهمية الدور الحيوي للقطاع الخاص في إنجاح برامج التوطين ومضى الوزير: بالرغم من كل الجهود الرسمية الحثيثة إلا أن خطط توطين الوظائف بالقطاع الخاص السعودي في السابق لم تلق النجاح المنشود لأسباب عديدة ومركبة، وأضاف: «لم تتجاوز نسب العمالة الوطنية بالمنشآت الخاصة حاجز الـ 10 % من إجمالي قوة العمل بالسوق بالرغم من أن 84 % من إجمالي العمالة الوافدة إلى المملكة تحمل شهادات الثانوية فقط ومن غير المتخصصين، أي بالإمكان إحلالها بعمالة وطنية تدريجياً وبالتعاون مع القطاع الخاص».
وبسؤال «الجزيرة» للوزير عن شكاوي مكاتب الاستقدام من تأخر إصدار التأشيرات رد قائلا: ستنتهي هذه المشكلة بعد شهر من الآن وحول إطلاق شركة الاستقدام قال : يجري العمل عليها الآن وسترى النور بنهاية العام.