سبق لي أن كتبت عن موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة التي يشرف على تحريرها الأستاذ الدكتور عباس صالح طاشكندي ومنذ صدور المجلد الأول أتابع بشغف كل مجلد يصدر عنها، وأترقب جديدها نظراً لما تحتوي عليه من معلومات وثيقة عن كل ما له صلة بمكة المكرمة والمدينة المنورة على مر العصور، ووقفت منذ أيام على المجلد الرابع الذي جاء في 673 صفحة من القطع الكبير A4 وأول مادة فيه (إندونيسيا، مدرسة) وآخرها مادة (البرية، بستان)، والمجلد مثل المجلدات السابقة غني بالمعلومات عن المدينتين، وهي معلومات متنوعة تاريخية وجغرافية وأدبية واجتماعية واقتصادية وتعليمية، يصعب الوصول إليها عن طريق المتوافر من المصادر التي تعنى بمكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن ثم تصبح هذه الموسوعة المميزة الوسيلة الوحيدة التي تساعد على تتبع كل ما له علاقة بها فعلى سبيل المثال مادة (إندونيسيا، مدرسة) تتعلق بمدرسة أسسها عام 1346هـ الشيخ جنان محمد طيب المنكابوي واهتمت بتقديم خدمات لأبناء الجاليتين الإندونيسية والماليزية، وأغلقت أبوابها في عام 1390هـ بسبب قلة إقبال الطلاب عليها بعد انتشار المدارس الحكومية.

وهناك مادة قصيرة مدخلها (أنور ملك - رحلة) وهي رحلة مكتوبة بالأوردية طبعت في لاهور، وقد استقى المعلومات عنها الدكتور عباس طاشكندي من دراسة للدكتور جلال السعيد الحفناوي نشرها ضمن أعمال ندوة الرحلات إلى شبه الجزيرة التي نظمتها الدارة ونشرتها في عام 1424هـ، ومن المواد الطريفة في هذا المجلد مادة (أولاد الحارة) التي كتبها عبدالله العبادي، وأشار في بدايتها إلى أن الحارة: «كل محلة دنت منازلهم، فهم أهل حارة، نسب إليها في العموم فئة من سكانها عرفوا بأولاد الحارة، خصوا بصفات معروفة في الأخلاق والعادات، وكانت معينة في الملبس والمعاملات».

وقد توسع كاتب المادة في سرد المعلومات عنهم من النواحي الاجتماعية فهو يشير إلى ملابسهم وأخلاقهم ودورهم في مجتمعهم، ولكتابة هذه المادة رجع المعد إلى مراجع عديدة، وبلغ عدد هوامشها تسعة وعشرين هامشا، ومن موادها القصيرة مادة (بألا، مسجد) وهو مسجد بناه الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق غزوته لتبوك، ومن المواد المطولة مادة (باب السلام) أحد أبواب الحرم المكي، الشريف كتبها عدنان الشريف، وقدم معلومات غزيرة ومفصلة عن هذا الباب وبلغت هوامش المادة سبعين هامشاً وهو ما يدل على مقدار العناية التي تبذل في إعداد هذه الموسوعة التي تعد مفخرة علمية والتي آمل أن يوفق الله المشرف عليها ومن معه من الباحثين الجادين على استكمالها لتكون خير مرجع لمن يبحث عن أي شيء يتعلق بمكة والمدينة.