تشهد الساحة العربية تغيرات محورية تجري منذ مطلع هذا العام وحتى اليوم.. فالغيوم السوداء تلقي بظلالها على الأحداث في مختلف الأقطار العربية وتجعل المنطقة على صفيح ساخن.. وامتداد التداعيات ينعكس على استقرار المنطقة بأكملها.. وإذا كان من المعتاد أن تتبلور الحركات الجماهيرية من خلال أطر تنظيمية تقليدية كالجيوش أو الأحزاب السياسية.. فهذا بعكس ما نراه في الأحداث الحالية التي يلعب فيها الإعلام والإنترنت والميديا الاجتماعية التفاعلية دورًا هامًّا في التثقيف والتنسيق والتنظيم والتحفيز وتجييش الحشود ورفع المطالب وتوحيد الصوت إلى غير ذلك من الأدوات التي وفرها الإعلام لتلك الحركات.. والدفع بها نحو النهوض وتحدي النظام. لقد لعب الإعلام ووسائل الاتصال دورًا كبيرًا في تنظيم وتوجيه الحركات الجماهيرية.. فالسمة المشتركة بين كل الشعوب التي تململت وثارت على حكوماتها كان الشعور بالتهميش وأن صوتهم لا صدى له.. فقدمت لهم وسائل الإعلام هامشاً منطقياً يتيح لهم إيصال صوتهم لفضاءات أخرى ويحقق الصدى المطلوب.. والخطير في الأمر أن القنوات الفضائية التجارية والتي توصف بالمستقلة (وما هي بمستقلة) استطاعت أن تصرف المشاهد عن القنوات المحلية لعدم قدرة الأخيرة على المنافسة.. مما أتاح الفرصة لتلك القنوات لأن ترسل رسائل مباشرة أشعلت فتيل الاضطراب بشكل موجه وممنهج أسهم في تهييج وإثارة المجتمعات إلى درجة إسقاط الأنظمة وهي سابقة لم يشهدها التاريخ الإنساني على مر العصور. أما الإنترنت فقد حطم كل الحواجز وتجاوز جميع الجدران التي تحد من الاتصال وأتاح الفرصة للجميع للتعبير ونشر المعلومة الصحيحة والمغلوطة والمكذوبة والمدسوسة والموجهة.. فإلى جانب سرعة التواصل انعدمت الرقابة وتعددت مساحات التعبير التقنية.. وهو ما أدى إلى تزايد عدد المشتركين في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي في العالم.. ولو أخذنا المملكة مثلاً فقد بلغ عدد المشتركين في مواقع الشبكة الإلكترونية (3.6) ملايين شخص.. كما بلغ عدد المشتركين العرب (11.9) مليون مستخدم في يناير (2010م).. وتضاعف عددهم إلى (21.3) مليون مستخدم في ديسمبر من العام نفسه.. بينما بلغ عدد المنضمين في العالم لموقع تويتر في عام واحد إلى (100) مليون عضو جديد.. كما حقق اليوتيوب انتشاراً غير مسبوق حيث بلغ عدد المشاهدات اليومية في (2005م) ثمانية مليون مشاهدة ونمت إلى مليار مشاهدة في (2009م) حتىصلت إلى (2) مليار مشاهدة في مايو (2010م).. وبلغت نسبة المشاهدات السعودية اليومية (342300) مشاهدة. كل هذه الأرقام تجعلنا نأخذ أمر هذه الوسائل على محمل الجد لأهميتها في تشكيل الرأي العام وتوجيه المجتمعات.. والعالم كله في انتظار المزيد من التقلبات في ظل تقدم وسائل الاتصال.. فهل نجلس ساكنين في مقاعد الانتظار؟.