سألت وزير السياحة الكيني «نجيبا بلالا» عندما زرته في مكتبه «بنيروبي» عن نصائحه «للخليجيين» الذين يقصدون بلاده بكثرة للسياحة والسفاري أو ما يعرف لدينا «بالقنص والصيد».
فقال لي إنكم أنتم الخليجيون والسعوديون خصوصاً تقدرون هذه الهواية بشكل كبير وتتمتعون بشجاعة كبيرة فالصيد عند العرب له مكانة كبيرة ونحن نعرف ذلك ونحاول استثماره في خططنا لجذب السياح باستقبال العديد منكم سنوياً فأنتم محل ترحيب طالما أن السائح منكم ملتزم بالتعليمات والأنظمة الخاصة بذلك. كلام «معالي الوزير» كان منطقياً فالشعب الكيني «ودود» بشكل كبير و»مضياف» بطبعه على عكس ما اشتهر عنه وبلادهم جنة من جنان الأرض وهبها الله طبيعة ساحرة وخلابة. وللمعلومية ينتشر فيها الكثير من الشركات المتخصصة لتعليم وتدريب الصيد وفنونه فيما يشبه الأكاديميات التعليمية للطريقة الصحيحة عند استخدام السلاح والتعريف بالحيوانات المسموح اصطيادها وأماكن تواجدها. أنا شخصياً لا أهتم بهذه الهواية ولا تستهويني كثيراً ولكن طبيعة عملي الإعلامي تُحتم علي خوض مثل هذه التجارب لتقديم المتعة والفائدة للمشاهد. توكلت على الله لأصبح «الفارس المغوار» الذي لا يشق له غبار أمام الكاميرا!!
فكلام «معاليه» أيقظ حماسي وحرك مشاعري العربية المتأصلة «لممارسة» الصيد على اعتبار أنها أقدم مهنة عرفها إنسان الجزيرة العربية.
رافقت عدداً من الشباب الخليجي الذين قرروا قضاء إجازتهم بشكل راقٍ وبريء في فيافي «كينيا» بعيداً عن «ضوضاء» المدن و»ضجيجها» بهدف السفاري «مثلهم» مثل الكثير من الجنسيات الأخرى كالأوروبية والأمريكية التي انتشرت بكثرة في تلك الأماكن. اعتقدت في بداية الأمر أنها رحلة صيد عادية كتلك الموجودة في بلادنا الغالية يعني «جرابيع ، ضبان» من «هالقبيل» أو غزلان إن تطور الأمر على اعتبار أنها تنتشر هنا... فلي تجارب متواضعة سابقة في قضاء ساعة من نهار مع بعض الأصدقاء الذين ابتلوا «بالقنص وفنونه» في «براري نجد وصحاريها».
ولكن في الصباح حدثت المفاجأة التي لم أحسب لها حساب!!!
فبعد تدريبات «شاقة» لكيفية استخدام أدوات الصيد قدم لي المدرب لستة بالحيوانات المتوقع مني صيدها في هذا «اليوم الأغر»!!
وأنا «الفارس المُلهم» القادم من جزيرة العرب التي اشتهر أهلها بالصيد منذ عصر «الرماح والنبال»!!
وقائمة أخرى بأسعار هذه الحيونات فكل شيء يتم صيده هنا له ثمن!! قد يصل إلى آلاف الدولارات والتي تكفل بها الشباب مشكورين فميزانية رحلتي بالكاد تكفي أجرة الكاميرا والمصور.
اللستة شملت على أسد!!
نعم.. غضنفر!!
الأخ يريدني أن أصيد أسد بشحمه ولحمه.. وأنا لم أشاهده في حياتي سوى مره أو مرتين في حديقة الحيوانات بالرياض وكان حينها نائماً وليس طليقاً!! وكذلك مطلوب صيد تمساح من الحجم المتوسط!!
يعني «ديناصور صغير» بصريح العبارة!
ولبؤة هرمة! وحيوانات أخرى... لم أعد أذكرها من هول الصدمة. بدون تردد وبهدوء وبصوت منخفض جداً اعتذرت عن المشاركة في هذه «المجزرة التاريخية»!! مكتفياً بالمشاهدة والرصد والتصوير
بالفعل نجح الشباب في القضاء على القائمة.. وصيد الحيوانات واحداً تلو الآخر...
وأنا أراقب وأتابع.. فقد كنت أتوقع أن صيد الغزلان والأرانب هو «القنص والسفاري»!!
إلا أن ما شاهدته وما احتوته القائمة كان مشهداً مختلفاً ومخيفاً إنها متعة خاصة من نوع آخر لدى شبابنا لا توازيها متعة! رغم كلفة الفاتورة الباهظة!! والتي قد تطعمهم «لعام كامل» في أرقى المطاعم إلا أن لله في خلقه شؤون!! فهم مستمتعون.. مع صفقات وصيحات النصر التي يطلقونها بعد كل حيوان يتم شطبه من القائمة بنجاح!! بمساعدة المختصين والمدربين المهرة «طبعاً»، وأنا أنظر من داخل السيارة وقد أغلقت النوافذ والأبواب ولا أسمع إلا طلقات الرصاص... وصوت الفنان عادل الإمام يتردد على مسامعي وهو يقول: «دنا بخاف من الكلب يطلع لي أسد»؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net