موطني.. المملكة العربية السعودية.. لا أستطيع أن أصف مقدار الحب الذي أكنه في داخلي لهذه البلاد الغالية.. مملكة العز والتوحيد، هذه البلاد التي بذل آباؤنا وأجدادنا أنبل وأسمى التضحيات في سبيل توحيدها ولم شمل ساكنيها شرقاً وغرباً.. شمالاً وجنوباً.. ثلاثون عاماً من الحروب المتواصلة والدروب المهلكة التي قطعها جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ورجاله في سبيل بناء هذا الكيان العظيم.. هذا الوطن الذي بنيناه بأيدينا وسقيناه بدمائنا وتضحياتنا.. حتى أصبح مفخرة نباهي به سائر الأوطان.. ونتغنى به بين البلدان.. ولكن المفارقة العجيبة والمحزنة في نفس الوقت.. أننا وبالرغم من الأمن والاستقرار الذي نعيشه.. سمعنا بأخبار الكثير من الدعوات الإفسادية التي توشحت بوشاح الإصلاح.. تلك الدعوات التي لم أجد لها في عقلي أساساً.. ما أساسها؟ وعلى ماذا ترتكز؟.. ومن يديرها ومن يقف خلفها؟.. كثيرة هي التساؤلات التي دارت في عقلي وقتئذ.. ولكني وصلت إلى قناعة لن أحيد عنها.. وهي أن وطني يبقى أغلى.. أترجم قناعتي هذه بعدة عبارات قد لا تفي بالغرض.. ولكنها تعكس على الأقل نزف المشاعر الذي يتأجج في داخلي عندما أنطق بعبارة.. وطني أغلى.. وطني أغلى من رغباتي ومصالحي الشخصية.. أغلى من أن أحقق رغباتي ومصالحي الشخصية على حسابه.. وطني أغلى من أن أدنس ترابه وأسلبه أمنه وأمانه.. من أجل الحصول على وظيفة معينة أو حفنة من المال.. وطني أغلى من أن أستجيب للإملاءات الخارجية أياً كان مصدرها.. وطني أغلى من أن أشيع الفوضى فيه وأشوه صورته أمام العالم.. تلك الصورة التي لطالما كانت براقة ومشرقة.. وطني أغلى من أن أخونه وأعرض مكتسباته ومقدراته وثرواته للخطر والنهب والسلب بحجة البطالة أو الفقر.. وطني أغلى من أن أكون معولاً لهدمه وتدميره.. خائناً للمعروف ناقضاً للبيعة.. وطني أغلى من الجميع.
لقد كتبت أسطري السابقة في وقت كان الحزن فيه يعتصر قلبي.. واليوم لا يكاد قلبي يستقر في مكانه من شدة الفرح.. بعد أن سطر أبناء وطني.. شعب المملكة العربية السعودية ألمع صور الوفاء والانتماء مع قيادته الحكيمة.. هذا الشعب الذي لم تسمح له عراقته ولا أصالته التي تجري في دمه أن يتنكر للوطن ويطعنه من الداخل.. يحق لي أن أفتخر اليوم بعد أن انقلب السحر على الساحر.. وأثبت شعب المملكة العربية السعودية أنه شعب عربي أصيل.. تتجلى فيه معاني العزة والولاء.. لقد خرج الشعب من ملحمة الوفاء منتصراً واجتاز اختبار الولاء ناجحاً.. وتكلل ذلك النجاح بسلسلة من الأوامر الملكية الكريمة التي زادت من عمق اللحمة ما بين الشعب والقيادة.. وفي الختام أقول:
سيدي خادم الحرمين الشريفين.. لقد شطبنا كلمة (فتنة) من قواميسنا.. واستبدلناها بكلمة (وفاء) وسنظل أوفياء لهذا الكيان العظيم وقيادته الرشيدة التي ومذ نشأنا ونحن ننعم في خيرها.. عذراً أيها المفسدون.. نحن لن نخون.