|
يتناول هذا الكتاب «الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية»، فعلى كثرة ما كتب في هذا المجال تنظيراً وتطبيقاً في المكتبة العربية فضلاً عن غيرها، إلا أننا لا نعثر إلا على كتابات جزئية عنيت بالرقابة في المملكة العربية السعودية ومدلول تلك الرقابة والأجهزة التي تتولى ذلك، وأساليب عمل هذه الرقابة وتقويمها, وكيفية تكوين السلطة التنفيذية وعلاقات التعاون والتوازن بينها وبين سلطات الدولة الأخرى.
وللرقابة على أعمال السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية ثلاثة أنواع، هي:
1 - رقابة برلمانية يقوم بها (مجلس الشورى) باعتباره ضلعا من أضلاع السلطة التنظيمية.
2 - رقابة قضائية يقوم بها (ديوان المظالم) باعتباره جهة القضاء الإداري.
3 - رقابة إدارية: وتكون إما داخلية تقوم بها الإدارة نفسها على موظفيها بالتفتيش ومتابعة أعمالهم عن طريق وحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية، أو بناء على تظلم. أو رقابة خارجية تتولاها هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة، وقد تكون رقابة من جهات أخرى مساندة للجهات الرقابية الأصلية، وهي مجالس المناطق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وهيئة حقوق الإنسان.
وقد عُني الكتاب بدراسة السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية وعلاقتها بالسلطات الأخرى, من حيث التداخل والتكامل والتوازن بينها، ولمعرفة ذلك تطرقت الدراسة إلى التطورات التاريخية لكل سلطة على حدة, للوقوف على أهم ملامح تلك السلطة, وكيف كان وضعها في الماضي ومقارنته بالواقع الحالي, آخذاً في الحسبان التطورات التي لحقت بها.
وتعد هذه الدراسة من الدراسات الأولى في المملكة التي لا تكتفي بتناول مسألة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية بأنواعها الثلاثة: البرلمانية والقضائية والإدارية, بل تتعمق لتصل إلى تحليل النصوص النظامية ذات الصلة بالرقابة ومقارنتها بالدول الأخرى، ومن ثمَّ تقويمها ونقدها إذا شابها خلل, رغبةً في إيجاد حلول لها, ولأن الوظيفة الأساسية للسلطة التنفيذية هي المحافظة على النظام العام وغيره من الوظائف الأساسية للدولة, فإن أداءها لمهامها يؤدي إلى احتكاكها اليومي بالجمهور, من خلال تسيير المرافق العامة.
ونظراً إلى طبيعة موضوع الدراسة وتعدد جوانبه وبعد استقراء تفصيلاته المتنوعة فقد تتبع المؤلف نصوص الأنظمة، محاولاً استخلاص ما له صلة بالرقابة ومدى اتساعها وضيقها حيال أعمال السلطة التنفيذية، وبيان طبيعة هذه الرقابة والآراء الفقهية والنصوص المؤيدة لذلك، مستعرضاً الأنظمة المماثلة في نظام قانوني آخر أو أكثر، لبيان مدى تشابه النظام السعودي مع الأنظمة الأخرى، وكذلك مدى الاختلاف بينهما. وتدور هذه المقارنة بين الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية في ضوء القوانين ذات الصلة وما يجري عليه العمل من الناحية التطبيقية، وبين الرقابة في بعض الدول الأخرى، حتى يمكن تقويم ذلك واستخلاص ما يفيد الأنظمة المعمول بها عند إعادة النظر في بعض أحكامها واقتراح ما يعالج جوانب القصور فيها.
وقد اشتمل الكتاب على أربعة أبواب، تضمن الباب التمهيدي تكوين السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية وعلاقتها بالسلطتين التشريعية والقضائية، ودرست فيه ملامح تنظيم السلطات العامة في المملكة العربية السعودية وتكوين السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية، وعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطتين التشريعية والقضائية في المملكة العربية السعودية. أما الباب الأول فتناول الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية، ودرست فيه محددات دور الرقابة البرلمانية (مجلس الشورى)، وآليات الرقابة البرلمانية (مجلس الشورى)، وتضمن الباب تقويماً لأعمال الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية. أما الباب الثاني فتناول الرقابة القضائية على أعمال السلطة التنفيذية في المملكة العربية السعودية، ودرس فيه تنظيم الرقابة القضائية، وحدود الرقابة القضائية على أعمال السلطة التنفيذية، وآليات الرقابة القضائية على أعمال السلطة التنفيذية، وفي نهاية الباب تقويمٌ لدور القاضي الإداري في ديوان المظالم ومدى التزام الجهات الحكومية بقضائه. وتناول الباب الثالث الرقابة الإدارية في المملكة العربية السعودية، ودرس فيه مفهوم الرقابة الإدارية وأهميتها وأساليبها، والرقابة الداخلية في الأجهزة الحكومية، والرقابة الخارجية في المملكة العربية السعودية، والجهات الرقابية المساندة.
بالإضافة إلى أبرز النتائج وأهم التوصيات، حيث أكد المؤلف في العديد من التوصيات على تعزيز أدوار الجهات الرقابية المساندة المتمثلة في مجالس المناطق والهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان من خلال منحها مزيدًا من الصلاحيات ودعم التواصل فيما بينها وبين أجهزة الدولة ومؤسساتها.