لم يبقَ في القلبِ آهاتٌ وأحزانُ
والعينُ ثكلى ودمعُ العينِ طوفانُ
ضاقت بنا الأرضُ والأوجاعُ داميةٌ
والأنسُ ولّى وجرحُ القلب بركانُ
وكم شدا الألمُ المحمومُ لوعته
وتمتمت في فم المكلوم أحزان
آهٍ يرددها لحني ويخنقني
من لحظةِ الرّوع تابوتٌ وأكفانُ
والبحرُ أمسى وفي أصدافهِ وصبٌ
ما عاد للبحر أمواجٌ وشطآنُ
هناك ضجّت أغاني الغوصِ في فزعٍ
وما تبقى لموجِ البحرِ ألحانُ
هناك ما وشوشَ المحَّارُ في أذني
ولا ترنَّمَ بالأشواقِ ولهانُ
هناك في شاطىء الأيامِ ذاكرةٌ
في مرفأ الحبّ أشعارٌ ووجدانُ
يا أيها الشاطىء الممتد في أفقي
كأنما في ثنايا الغيبِ أشجانُ
كأنما لغةُ الأحزانِ ما برحت
تموجُ بالموت والأحزانُ ألوانُ
تساءلَ الشعرُ والأرواحُ في كفنٍ
هل مات غازي؟ أنا للأمس ولهانُ
بالأمس ذكرى صبيّ عاد مُكْتَهِلا
واليومَ فاضت لروح الله أبدانُ
بالأمس ذكرى صبي نبضه وجع
واليوم صمت وبعض الصمت إعلان
بالأمس ذكرى صبيّ شوقُهُ ولَهٌ
واليومَ دمعٌ على الخدين هتّانُ
بالأمس ذكرى صبيّ يرتجي أملا
(أمُّ النخيلِ) له حضنٌ وأجفانُ
مهلا.. فديتُك يا غازي وكمْ فخرت
بكَ العوالمُ، إخلاصٌ وإتقانُ
ذاك القصيبيُّ روض في مواسمه
عطرٌ وزهرٌ وأفياءٌ وأفنانُ
ذاك القصيبيُّ والأشجارُ وارفةٌ
غنّت لهُ برقيقِ الشعرِ أوزانُ
ذاك القصيبيُّ مجدٌ قد علا قممًا
علمٌ تجلى وتاريخٌ وعرفانُ
ذاك القصيبي له في الفكر ملحمة
تهابُه من عظيمِ الفكرِ فرسانُ
يا غازي القلب كم ضمّتك أفئدةٌ
على المودة فيها الحبُّ يزدانُ
فأين أمضي وجمرُ الرملِ عاصفةٌ
وزورقي فوق موج البحر جثمانُ؟
وعاد دمعيَ أطيافاً وأخيلةً
والموتُ في ذكره حقٌّ وإيمانُ
على ثراك ندىً والطهرُ نبتتُه
والقبرُ في تُرْبِه روح وريحانُ
بوركتَ يا قبرُ والجنَّاتُ موعدُنا
على رفاتكَ أزهارٌ وأغصانُ
شعر: عبدالله بن علي الخضير
في ذكرى غازي القصيبي - يرحمه الله
12-9-1431هـ
aa.khudhair@gmail.com