شبل من أشـــبال الجزيرة في الســــنة الأولى الثانوية يكتــب عن سيرة أسدها وموحِّدها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - قبل أكثر من أربعين عاماً؛ فقد قرأتُ البحث في صفحة وراق الجزيرة العدد 14080 في 13 جمادى الأولى 1432هـ. إنه أرشيف جميل بجمال أخلاق وأفعال من كُتب عنه. تمعنت فيه فإذا كل جملة أقرؤها عن الملك عبدالعزيز أجد فيها شيئاً من التوافق مع شخصية سلطان بن محمد، ولا غرابة في ذلك بل الغرابة لو لم يتأثر الأمير سلطان بن محمد بشخصية الموحِّد المؤسس؛ إذ لا شك أن من كتب عن تلك السيرة العطرة لذلك الفذ النادر من خلال ذلك البحث الشامل الرائع الجميل قد تأثر بتلك الشخصية لا محالة؛ فها هي دورة الزمن -بتوفيق الله - تعيد لنا طالب الثانوية من جديد، ولكن في ثوب جديد، وفي شخصية جديدة، وفي كيان جديد.. إن تأملنا في شخصيته وجدنا الشموخ العالي الممزوج بالتواضع المثالي، يأسرك بأدبه الجمّ، ويسعدك بابتسامته الصادقة، ويخجلك بإعطائك حقك من الاحترام، وإن نظرنا إلى المجد فأي مجد كبير فوق مجد الكبير.
وأينما اتجهت في أي وجهة تجده في المرتبة الأولى، فإن لم تجده فيها وجدته في أعلى القمة في الدين والكرم، شتى بحور التجارة، في الخيل وعالمها، في المراجل وفنونها، في البذل والصدقات، في البر وصلة الرحم.. وذلك فضل من الله يؤتيه مَنْ يشاء. إذا نظرت إليه سرك وجهه البهي، وإذا جلست أمامه سبحت في عالَم من الخيال الجميل، وهذا ما حصل لي عندما حضرت حفل جمعية أطباء القلب في 19 ربيع الأولى 1432هـ على شرف سموه، الذي لا تربطني به علاقة مباشرة، وكنت أجلس في المقاعد المقابلة له؛ فتأملت في شخصيته أثناء الحفل الخطابي، كيف ينصت وكأنه تلميذ أمام مُعلّمه، تشرفتُ بالتجول مع سموه في المعرض المصاحب للحفل، وتناولنا طعام العشاء سوياً؛ فسررت لما رأيت، وجادت قريحتي بأبيات متواضعات، ولست بشاعر، وإنما أداعب الشعر، فقلت أبياتاً سأذكر بعضاً منها، وأترك ما لا يقبل النشر؛ لأنه خاص بسموه، فما كل ما يقرح يطرح:
سلطان يا ابن أولي الشهامة يا همام
يا ابن الكريم ابن الكريم ابن الكرام
من يعرف العظماء أنت زعيمهم
أسد هزبر نسل آساد عظام
أنت الذي بك يزدهي شرف له
أصبحت تاجاً للتفاخر وهو هام
ومنحت حفلاً للأطبا عزة
فالتمّ شمل الطب وازداد الوئام
أنت الشريف ويفخر الشرف الذي
يزهو بكم متبخترا وسط الفئام
أنت المحبب للنفوس جميعها
فلك التحية والمحبة والسلام
وأكتفي بذلك، وإلا فالكلام عن هذا الطود الشامخ (الأمير سلطان بن محمد) يطول ويطول، بل يحتاج إلى كثير من المقالات. وفي الختام أسأل الله أن يطيل عمره في طاعته، وأن يجعله مباركاً حيثما كان كالغيث أينما وقع نفع، وأن يغفر له ما لا يعلمون، ويجعله خيراً مما يظنون، معيناً في الخير لا ينضب، له أحببت وعنه كتبت. وللأستاذ بندر بن عثمان الصالح جزيل الشكر على إخراجه هذا الكنز الثمين من أرشيف والده القيّم، ورحم الله الشيخ المربي عثمان الصالح الذي نرى تلامذته يتربعون فوق أعلى القمم في شتى المجالات.
عبدالله بن محمد بن العنقري
الشؤون الخاصة الملكية