|
الجزيرة - أحمد القرني
حذر عدد من أخصائي التغذية من الاعتماد على بعض المكملات الغذائية «حليب الأطفال الرضع» والتي تعطى للأطفال على أنها أفضل طريقة للحصول على العناصر الغذائية التي يحتاجها الأطفال الرضع والتي امتلأت بها المستشفيات بل إنها طالت أرفف الأسواق التجارية في بعض الأحيان، مؤكدين أن مثل هذه المكملات تعد عنصر هدم لصحة الطفل وليس عنصر بناء لصحة أبنائنا، مطالبين بضرورة التصدي لمثل هذه التجارة الرابحة لأصحابها والتي تخسرنا صحة أطفالنا.
من جانبها أكدت أخصائية التغذية العلاجية بمدينة الملك سعود الطبية حنان الناصر أن منتجات الحليب غزت الأسواق بشكل غير مسبوق فالأسواق أصبحت تغص بأنواع الحليب حتى إن شركات الأغذية أصبحت تقوم بإنتاج حليب للأطفال « فهناك شركة متخصصة بصناعة أنواع المكرونات» أصبحت تنتج حليب للأطفال يحمل نفس اسم الشركة تحت عبارة «غذائي تكميلي للأطفال»، وحتى يستطيعوا التنصل من المسؤولية أمام الجهات الرقابية المختصة لحليب الأطفال «هيئة الغداء والدواء»، فأصبحت تباع حتى في المحلات التجارية «السوبر ماركت والصيدليات، والمستشفيات الحكومية والخاصة» على حد سواء
مما يدل على انعدام الرقابة فهذه الشركات لا تملك دراسات على منتجاتها بدليل أن منتجها لا تباع في بلد المنشأ وهذا دليل واضح على أن هذا المنتج عليه ملاحظات تمنع من بيعه في بلد المنشأ « أي لا يباع في بلد المنشأ هذا اكبر دليل على عدم جودته «
ونصحت حنان الناصر الأمهات بضرورة التأكد من المنتج الذي تعتمد عليه في تغذية ابنها يحمل علامة تثبت أنه مرخص من هيئة الغذاء والدواء.
مؤكدة أن الجهات الرقابية في الجمارك تعتمد على التأكد من أن المكونات داخل علبة الحليب مطابقة للمكونات المكتوبة على العلبة، دون النظر إلى هل هذه المكونات آمنة أو غير آمنة، وهل مناسبة للأطفال أو غير مناسبة فهذه بكل أمانة ليست مسؤولية الجمارك مما يعطي فرصة للشركات المصدرة للتلاعب في مثل هذه الأنواع من الحليب.
وأوضحت حنان الناصر أن هذه الأنواع من الحليب غير مرخصة من قبل هيئة الغذاء والدواء، وليست عليها أي دراسة علمية تثبت صلاحيتها للطفل وتكامل العناصر الغذائية بها، مؤكدة أن الحل هو عدم استخدام إي منتج غير معروف المصدر .
وحملت حنان الناصر هيئة الغذاء والدواء ثم وزارة الصحة مسؤولية ما هو حاصل في الأسواق الآن من تساهل في بيع مثل هذه المنتجات التي تضر صحة أهم شريحة في المجتمع الأطفال فهم عماد الوطن والأمة.
وطالبت الناصر بضرورة الحرص على عمل برامج توعوية للمجتمع بكافة شرائحه للامتناع عن استخدام مثل هذه المكملات التي تضر بصحة أطفالهم وتحرمهم من الحصول على العناصر الغذائية الأساسية الموجودة أولا في حليب الأم وثم أنواع الحليب المرخصة.
حذرت مما يجري حالياً في بعض قنوات الأطفال حيث عمدت مثل هذه الشركات غير المعتمدة إلى الترويج لمنتجاتها من خلال رعاية برامج تخص صحة الطفل حيث استطاعوا استغلال الإعلام للترويج منتجاتهم بطريقه غير شرعية، مؤكدة أنه لا بد أن يكون هناك رقابة إعلامية من هيئة الغذاء والدواء وزارة الصحة لمنع مثل هذه التجاوزات وحماية المستهلك من التلاعبات.
وأكد الصيدلي محمد كامل بأن ليس كل الشركات تهتم بالدراسات التي تضمن مطابقة الحليب للمواصفات والمقاييس العالمية في جودته، فمعظم الأصناف الموجودة الآن والتي تغص بها الصيدليات والمستشفيات والتي تتجاوز 15 صنفاً تنتج في دول أوروبية وآسيوية، لا تحرص على أن يكون ما بداخل العلبة مطابقاً لما كتب خارجها، وهمها الوحيد فقط هو أن تكون معقمة حتى لا يخضعوا إلى محاسبة وملاحقة من الجهات المختصة، أما الاهتمام بالعناصر الغذائية فليست واردة.
موضحاً أن جميع هذه المنتجات لا تباع في بلاد المنشأ لعدة أمور أهمها عدم مطابقة هذه الأصناف للمواصفات ولأن هذه البلاد أصبحت تشجع الرضاعة الطبيعية، بعكس الثقافة المنتشرة الآن بين الأمهات السعوديات «بأن حليب الأم لا يكفي».
وحمل د. محمد ثقافة الدعاية والإعلان والتلفزيون مسؤولية ما يجري الآن، كما طالب الأطباء بأن يكونوا على قدر كبير من المسؤولية فلا ينصحوا الأمهات بأي نوع من أنواع الحليب الموجودة في الأسواق طالما كانت الأم قادرة على الإرضاع الطبيعي على أن يحملوا شعار»لا يوجد ما يطابق حليب الأم» مؤكداً أن الأطباء أنفسهم بحاجة لحملات مكثفة لتثقيفهم وتوعيتهم بدورهم المهم في نقل ثقافة الرضاعة الطبيعية لكل أم تراجع عياداتهم.
وأكد استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية سابقاً الدكتور خالد بن علي المدني أنه لا بديل لحليب الأم مشيراً إلى أن هناك بعض العادات الغذائية الخاطئة عند تغذية الرضيع حيث نجد بعض المرضعات يتجهن إلى بدائل حليب الأم بدلاً من الرضاعة الطبيعية. في حين تعد الرضاعة الطبيعية طريقة لا تضاهيها طريقة لتقديم الغذاء اللازم للنمو والتطور الصحيين للرضع.
وأوضح د. المدني أن أقل من 2% فقط من الأطفال الرضع هم بحاجة إلى بدائل حليب الأم لمشكلة صحية تعاني منها الأم كإصابتها بأمراض معدية مثل الإيدز أو السل أو إصابتها بسرطان الثدي أو أن تكون حالة الرضيع هي من تحول دونه ودون الرضاعة الطبيعية كأن يكون الطفل مولود بعيب خلقي كالشفة الأرنبية مما يحول بينه وبين والرضاعة الطبيعية، وأبان أن الرضيع يعتمد على حليب الأم اعتماداً كلياً خلال الأربعة إلى الستة أشهر الأولى من عمره، وإذا اضطرت الأم أن تفطم طفلها قبل أن يكمل رضيعها الأربعة إلى الستة أشهر الأولى، فعليها أن تفطمه ببدائل حليب الأم وقد وضعت الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، مواصفات قياسية تختص بالأغذية الحليبية للأطفال الرضع المحضرة أساساً من الحليب والتي تستخدم في الرضاعة كبدائل لحليب الأم على هيئة مسحوق أو سائل، وحذر د. المدني من بدائل الحليب غير مكتملة المواصفات والمقاييس والعناصر الغذائية حيث قال إن مثل هذه البدائل تؤدي إلى مشاكل صحية مما يمثل خطورة على حياة الطفل، فلابد من التصدي لمثل هذه الأنواع، فالنظام يحرم تداول هذه الأنواع من المكملات الغذائية.
من جانبه شدد مدير الشؤون الصحية بمحافظه جدة الدكتور سامي بن محمد باداود على أن وزارة الصحة تمنع منعاً باتاً في أي من مستشفيات الوزارة صرف حليب مجفف للأطفال سواء كان حليب مصرح به أو غير مصرح به ويأتي ذلك من حرص الوزارة على تشجيع الرضاعة الطبيعية فهي الحل الأول والأخير للأمهات إذا لا بديل عن الرضاعة الطبيعية.
واستثنى باداود بعض الحالات والتي تعاني فيها الأمهات أو الأطفال من مشاكل صحية تمنعهم من الرضاعة الطبيعية مما يستوجب الاستعانة بمكملات غذائية ولا يتم التعاطي أو التعامل إلا مع الشركات المعتمدة من قبل وزارة الصحة.
مشدداً على أن الوزارة لا تسمح بتعاطي أو تسويق المنتجات غير المعتمدة في مستشفياتها، مؤكداً أن من تثبت إدانته فإنه يعرض نفسه للعقوبات التي تنص عليها اللوائح والقوانين التابعة لوزارة الصحة.
مبيناً أن وزارة الصحة تقوم بجولات ميدانية فجائية للصيدليات وأي صيدلية يوجد لديها أي من المنتجات غير المرخص لها أو التي لا تحمل تصريح من وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء، تقوم اللجنة على الفور بسحب الكميات وإتلافها في الحال، كما يتم إيقاع العقوبات المنصوص عليها في النظام على تلك الصيدلية.
وعن بيع مثل هذه المنتجات» المكملات الغذائية» في البقالات فحمل المسؤولية للأمانة فهي التي يجب أن تفتش على المحال التجارية التي تقوم ببيع المواد الغذائية.
وشكت عدد من الأمهات من تدهور حالة أطفالهن الصحية وتعرضهن لنقص حاد في الفيتامينات وعدم تمتعهم بالحيوية المطلوبة وعند مراجعتهن لطبيب الأطفال أعلموا في الحال إلى حاجة أطفالهن إلى أخصائي تغذية بسبب معاناتهم من سوء التغذية، حيث قالت مريم الزهراني أم الطفل مشاري 7 أشهر أن طفلها لا يتمتع بالحيوية التي يتمتع بها أقرانه وهو شديد النحف وليس لدية شهية إلى الطعام ويعتمد في غذائه كامل على الحليب الذي أقوم بشرائه من البقالة التي تقع قريبه من منزلي فأنا أعتمد على هذا النوع من الحليب لأنه يباع بقرب بيتي فلا ينقطع منه أبداً فبمجرد انتهاء عبوه أحصل على الأخرى بمنتهى السهولة بالإضافة إلى أن سعره مناسب لدخل زوجي إلا أن صحة أبننا أخذت في التدهور فأخذته إلى أحد أطباء الأطفال الذي أفادني بأن ابني يعاني من نقص شديد في الفيتامينات والمواد الغذائية الرئيسية التي تساعد على نموه الجسدي والعقلي، وحذرني من الحليب الذي اعتمد عليه في تغذيته ونصحني باستبداله بآخر معتمد ومعلوم المنشأ.
كما قال المواطن مساعد العمري بعد ولادة ابني مباشرة في أحد المستشفيات الخاصة نصحتني الطبيبة المشرفة على ولادة طفلتي نتيجة سوء الأحوال الصحية لزوجتي بنوع من الحليب الذي كتب عليه غذائي تكميلي وقالت إن هذا النوع من الحليب يساعد على أن تنشأ طفلتي ببنية قوية جيدة تفوق قريناتها ولكن للأسف الشديد بعد فترة من الاستخدام ظهرت على ابنتنا علامات سوء التغذية وبعد مراجعة الطبيب أكد لنا أن نوعية الحليب المستخدم غير جيد ولا بد من تغيره بآخر معتمد من الهيئة؟؟!! ويتسأل مساعد كيف لكل من هم في مثل ظروفي أن يميزوا بين ما هو معتمد من الهيئة وبين ما هو مجرد منتج لإغراض مادية دون مراعاة حاجة أطفالنا للعناصر الغذائية التي تساعد على نموهم.