بقلم: رئيس النادي الأدبي الدكتور يوسف بن عبد اللطيف الجبر
مرحباً بكم جميعاً في هذا المساء الاستثنائي؛ فأنتم على موعد خاص مع عالَم الصحافة في أبهى صوره، والإعلام الشريف في أنقى ملامحه, والسمو الإداري في أزهى تجلياته, موعد مع واحد من رؤساء التحرير الذين حفروا في تربة الوطن أبجدية الصدق والنضال، وقد كان لنادي الأحساء الأدبي شرف السبق إلى استضافته والاستثناء بتنظيم زيارته واحتضان لقائه بالمثقفين، وهو هدف استراتيجي نسعى لتحقيقه دائماً، وهو أن تكون تمنياتنا الثقافية راقية وفريدة..
تشكي المحبوب الصبابة ليتني
تحملت ما يلقون من بينهم وحدي
فكانت لقلبي لذة الحب كلها
فلم يلقها قبل محب ولا بعدي
الأستاذ/ خالد حمد المالك..
اسم خلد في ذاكرة الإعلام، وحمد الناس مواقفه؛ لأنه مَلَك قدرات إدارية وأخلاقية رائعة، وما ذلك إلا لأنه تداخل في مسار حياته الإعلامي والإداري والثقافي؛ ما مهَّد لظهور شخصية مكتملة النضج والإبداع. وقد أعجبتني خلالُ هذا الرجل كثيراً؛ فهو يمتلك الشجاعة الإعلامية متمثلاً قول الشاعر:
تأخرت أستبق الحياة فلم أجد
لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ومن رحم هذه الصفة وُلِدت رباطة جأشه ورحابة صدره وسرعة بديهته..
فهو:
بديهته وفكرته سواء
إذا ما ناله الحدث الكبير
وأحزم ما يكون الدهر رأياً
إذا عمي المشاور والمشير
وصدر فيه للهم اتساع
إذا ضاقت من الهم الصدور
وإذا لاحظ كل راصد أن جزيرته تحضر إذا حضر، وتقلق إذا غاب.. فما ذلك إلا لنجاح علاقاته الحميمة مع منسوبي المؤسسة، وتقدير الآخرين، وهذا هو عنوان الفضل:
وما الفضل في أن يؤثر المرء نفسه
ولكن فضل المرء أن يتفضلا
الإخوة الأعزاء..
تأتي أهمية هذا اللقاء في ضوء تنامي قوة الإعلام وتأثيره على الجمهور، هذه القوة وهذا التأثير اللذان ينبنيان على ما يُعرف بالتأثير الكمي من خلال تكرار, حيث تقوم وسائل الإعلام بتقديم رسائل إعلامية متشابهة ومتكررة حول قضية أو شخصية محددة؛ حيث يؤدي هذا العرض التراكمي إلى التأثير على المتلقي عبر المدى البعيد دون إرادة منه، شاء أم أبى، ومهما كانت قوة هذه الرسالة الإعلامية. وإن كان الناس في بداية العصر الحديث قد تحدثوا عن ثلاث سلطات فقد تكونت مؤخراً سلطة رابعة، هي سلطة الإعلام، التي لا تفرض نفسها بقوة الردع, ولكن تنساب بغزارة إلى الأفكار والقلوب والضمائر, وينخرط الجميع في منظومتها بعفوية وتلقائية وارتياح، وقد صدر حديثاً لكاتبين فرنسيين كتابٌ (سادة العالم الجدد).
الإخوة الكرام..
عندما نتحاور مع رئيس تحرير في مقام الأستاذ خالد بن حمد المالك فنحن نريد أن نسمع منه، ويستمع إلينا؛ لأننا نأمل أن نتخلص من عقدة الخوف من النقد، ونقتنع بأهمية الحوار البنَّاء، ولكن في المقابل نريد أن نثبت توصيات ومقترحات، وأن نكشف الغطاء للقادة الإعلاميين عن وجود ظاهرة المراهقة الصحفية, وحماس البعض وإسرافهم في عتاب المجتمع وخُلُق مؤسساته دون أن يفكروا في العواقب والنهايات، وقد قيل لأحد الحكماء «ممن تعلَّمتَ الحكمة؟» فقال «من الرجل الضرير؛ لأنه لا يضع قدمه على الأرض إلا بعد أن يختبر الطريق بعصاه». نريد من الإعلامي ألا يُحرِّك قلمه قبل أن يختبر تأثير تطويره، وألا يستعجل البروز، ويقول إن اهتمامه أن يكون:
أن أمشي ببطء ولكن لم يحدث أن أمشي في تثبيت خطوة واحدة للوراء
ولو قدرت على نسيان ما اشتملت مني الضلوع من الأسرار والخبر
لكنت أول من ينسى سرائره إذا كنت من نشرها يوماً على خطر
كما نتمنى أن تتلون صحافتنا بألوان الحي والتفاؤل؛ فقد قال (جون وليامز) «ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقاً؟». فالمجتمع بحاجة ماسة إلى ثقافة الأمل والحب والسلام؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم فيما بينكم؟ أفشوا السلام بينكم».
وأخيراً أبا بشار:
لقد وعدتَ فأوفيتَ؛ وذلك لأنك كريم، ومن الكريم نفسه، ووعد غيره تسويف
إن الكريم إذا حباك بموعد
أعطاكه سلساً بغير مطال
نتمنى أن تتكرر زيارتك للأحساء.