بدأ وزير العمل متفائلا وهو يشرح برنامج وزارته الجديد (نطاقات) لإحلال العمالة السعودية بدل الوافدة، ولم يخفِ امتعاضه حول ضغوط رجال الأعمال وتذمرهم من إلزام وزارته لهم بالسعودة والتشديد في منح التأشيرات!
وأكد الوزير بثقة أن برنامج (نطاقات) مستوحى من وضع السوق، ومن واقع المعدلات المحققة بالفعل في المنشآت، ومراعياً لخصوصيات وأنشطة وأحجام العمالة في كل منشأة، حيث تم تصميم البرنامج على أن تقع غالبية المنشآت في النطاق الأخضر، مما يضمن قوة تطبيق البرنامج وضمان استمرارية دوران عجلة الاقتصاد.
وضعَنا الوزير أمام تجربة جديدة للتوظيف من خلال طرح ثلاثة نطاقات لتوطين الوظائف هي: الأخضر والأصفر والأحمر، حسب معدلات التوطين المحققة بتلك المنشآت، بحيث تقع المنشأة المحققة لنسب التوطين المرتفعة في النطاق الأخضر، بينما تقع المنشأة الأقل توطيناً في النطاقين الأصفر ثم الأحمر على التوالي، حسب معدلات التوطين بها. والفرق بين برنامج (نطاقات) وبرنامج السعودة النظري أن هذا البرنامج سيوجد الفرق بين المنشآت الخضراء الملتزمة بمعدلات التوطين وتلك الحمراء المقاومة له، من خلال الحوافز الذكية والمكافآت التي تتأهل لها المنشآت الخضراء آلياً، وستمنع التسهيلات عن المنشآت الحمراء، وتعطى المنشآت الصفراء مهلة لتتمكن من تعديل أوضاعها قبل حرمانها من تلك الخدمات.
الجميل في هذا البرنامج أمران؛ أحدهما: حرمان المنشآت الواقعة في النطاق الأحمر من استقدام أو تجديد رخصة عمل العمالة الوافدة، وبالمقابل ستمنح المنشآت الخضراء حرية انتقاء وتوظيف ونقل كفالة العمالة الوافدة من المنشآت الواقعة في النطاقين الأحمر والأصفر، دون موافقة صاحب العمل ذي النطاق الأحمر، وسيحظى أصحاب النطاقات الخضراء بمزايا وتسهيلات إضافية من تأشيرات استقدام، ورخص عمل.
أما الثاني فهو اعتماد وزارة العمل في تقييم نسب التوطين بمنشآت القطاع الخاص على قاعدة بيانات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، الذي سيحتسب آلياً في الموقع الإلكتروني للوزارة، فضلا عن الجولات التفتيشية الميدانية من لدن فرق التوطين والمتابعة بمكاتب العمل مما يؤكد مصداقية التوطين ومراقبته.
وفي حين نستبشر بهذا البرنامج الذي نأمل أن يسلم من تضارب المصالح، وينجح ويحقق النتائج المأمولة فيه من خلق فرص للشباب العاطل؛ إلا أننا في الوقت ذاته نطمح في خلق التوازن بين مميزات التوظيف للعامل الوافد والعامل السعودي، ليس عن طريق رفع تكلفة الاحتفاظ بالعمالة الوافدة في المنشآت ذات معدلات التوطين المتدنية فحسب وإنما من خلال الاستفادة الحقيقية من العمالة الوافدة الماهرة فقط والقضاء على العمالة السائبة والمتستر عليها، وما تشكله الأولى من خطورة على الأمن الوطني، وما توجده الثانية من خنوع وبطالة مقنّعة من خلال تحول المواطن إلى عامل لدى الوافد واكتفائه بما يجود عليه مكفوله من راتب شهري لقاء منحه الإقامة النظامية، واستمتاع العامل الوافد بخير الوطن وتوظيف أبناء جلدته.
وبعيدا عن الحكم، لابد من منح وزارة العمل فرصة تطبيق البرنامج لعلها تحقق معدلات نمو متزايدة لتوطين الوظائف بالقطاع الخاص، وبالتالي الوصول بمعدلات البطالة إلى مستوياتها الدنيا.
ولكي تنجح برامج التوطين لابد من مساهمة القطاع الخاص في إنجاحها بخلق بيئة عمل صحية وجاذبة للشباب، مع الإيمان بأن توطين الوظائف ضرورة وطنية مُلحة وليس تفضلاً أو اختياراً. كما على شبابنا أن يعوا تلك الخطط التي أوجدت من أجلهم ولا يخيبوا أمل مجتمعهم، ويردوا على من يشكك بقدراتهم ومدى التزامهم وجديتهم.
rogaia143@hotmail.comwww.rogaia.net