براغ - موفد الجزيرة : فهد الشويعر

انتهت الندوة الرابعة ضمن البرنامج العلمي لمشاركة المملكة كضيف شرف في معرض براغ الدولي للكتاب، وكانت تحت عنوان: «تطور الحركة الأدبية في السعودية والتشيك» وقد أدارها الأستاذ نعمان بن محمد كدوه وحاضر فيها عن الجانب السعودي كل من أ.د. محمد بن عبد الرحمن الهدلق من كلية الآداب، قسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود، والدكتور عالي بن سرحان القرشي من قسم اللغة العربية بجامعة الطائف. وعن الجانب التشيكي الدكتور فرنتسيك اوندرس عميد كلية الآداب بجامعة تشارلز، وهو مستشرق - متخصص في تاريخ ثقافة وتاريخ دول الشرق الأوسط وإفريقيا.

الدكتور محمد الهدلق قدم ورقة بعنوان: «تطور الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية» تناول فيها دور الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في إيجاد برنامج تحديث لإلحاق المملكة بركب الحضارة المعاصرة، تضمن توطين البادية في الهِجَر، والاهتمام بالتعليم وفتح المدارس في عدد من المدن، والسعي إلى إدخال وسائل الحياة المعاصرة إلى المملكة. وقال الهدلق إن أبناءه الملوك واصلوا هذا البرنامج التحديثي بعزم وتبصر، حتى كثرت الصحف والمجلات، وانتشرت المطابع والمكتبات ودور النشر، ثم أنشئت المعاهد والجامعات في المدن الرئيسة، وظهرت النوادي الأدبية في كثير من مدن المملكة. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ظهور حركة أدبية بدأت بداية بسيطة ثم تطورت بشكل سريع إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.

وقد تناول الدكتور الهدلق عوامل تطور الحركة الأدبية في المملكة، مشيرًا باختصار إلى دور التعليم، والصحافة، والمكتبات، والأندية الأدبية في نشأة هذه الحركة وتطورها. كما تحدث عن بعض مظاهر هذا التطور ومن ذلك ما هو متصل بحراك الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والنقد الأدبي.

من جهته، قدم الناقد الدكتور عالي القرشي ورقة عنوانها: «التجديد في القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية سؤال الرؤيا والتشكيل» اعتبر فيها أن الجنوح نحو كتابة القصة في السعودية يعد تحولا نحو نوع من الكتابة يجسد المصائر الإنسانية، ويقيم الشأن للعابر، والمهمش، بعد أن عايش الإنسان العربي ذلك النمط من الكتابة الذي يتعلق بالبطولي، والمثال في قيم الشعر والخطابة، واستمر ذلك التحول يرعى نماذجه ويحول الرؤية للاهتمام بها، ابتداء من الذات الساردة التي أخذت تستبطن، وتخلق النماذج، وتناوئ المألوف والساكن - والكلام للقرشي - ومروراً بتلك المساءلات والتأملات التي تنداح في باطن السرد تداعيًا يحمل القلق، والاحتجاج، ويقيم الحلم، حتى أصبحنا اليوم أمام تشكيلات سردية في عالم القصة متباينة التشكيل، منها ما أصبح استضافة للشعر في نسيج سردي، ومنها ما أصبح يشكل ميدانًا لتحريك النص التراثي، المحكي وغيره في عالم سردي من تشكيل القصة، ومنها ما استضاف لوحات الفن التشكيلي.

القرشي سلط الضوء على هذا البحث المستمر لعالم السرد القصصي في الوجود الإنساني، ابتداء من انفصال السرد عن قيم جمالية كانت مرعية إلى أخرى لها عالمها المستحدث من تشكيلات القصة الجديدة، ليتابع القلق المستمر الذي تحمله رؤية كتابية تتخذ شكل الماضي في مقولة (حدث) وتكتب الآتي (يحدث) في تشكيل عالم سردي جديد للفعل الإنساني نموذجه الإنسان وهو يعاقر التجربة الإنسانية، ويشكل وجوده الراهن ويعيد صياغة ما يربطه بحاضره على نحو يجدد ميدان تواجد الماضي وارتباطاته.

من ناحية أخرى، وتحت عنوان: «الأدب العربي الحديث - قضاياه الفنية وأبعاده الحضارية وانعكاساته على الأدب التشيكي» تحدث الدكتور فرانتيشيك أوندراش مستعرضًا ملامح رئيسية لنشأة الأدب العربي الحديث، وتطوره الفني والجمالي، خلال القرن العشرين، وحتى أيامنا الحالية. ومعرجاً على أهمّ ظواهره في أنحاء شتى من العالم العربي.

ولفت الباحث التشيكي إلى ما يتميز به الإبداع القصصي والروائي العربي المعاصر، ودوره في سياق الحضارتين العربية والعالمية. وستركّز المحاضرة على شخصيات بارزة من الكتاب العرب، تتناول خلفيتهم الثقافية والاجتماعية والتيارات الفلسفية والفكرية التي تأثروا بها. كما قدم نماذج للأعمال الأدبية بمواضيعها المتنوعة، التي جذبت صفوفاً واسعة من المؤلفين العرب، ولاقت إعجاب قرائهم في البلدان العربية، وفي الوقت نفسه نقل أوندراش في ورقته ما وصفها بالرسالة التي تكمن في عرض القيم الفنية والإنسانية التي تجمع بين الحضارتين العربية والغربية وأثر ترجمات النصوص العربية على الأدب التشيكي.