«ننشر فيما يلي المحاضرة (أو الكلمة) التي ألقاها رئيس التحرير خالد المالك في نادي الأحساء الأدبي بمناسبة الاحتفاء به وتكريمه يوم الأربعاء الماضي»
طُلب منّي أن أتحدّث أمامكم وبحضوركم عن تجربتي الصحفية، أو هكذا فهمت، وفي اقتناعي أنّه ليس هناك ما هو أهمّ من الأحساء لاستثمار هذه المناسبة للحديث عن هذا الجزء الغالي من أرض الوطن؛ فالأحساء تسكن في وجدان كلٍّ منّا، كنغمٍ جميلٍ تأنس به أسماعنا فنعتمر السّمو والتّسامي ونستعيد القيمة المهمة التي يحملها هذا الاسم الكبير على امتداد التاريخ؛ حيث الأمجاد والبطولات، والغنى في الثقافة والموروث، وحيث مشاهد وعلامات ومعالم فارقة تراها العين، لأزمنةٍ وأماكن كثيرةٍ تتحدث عن الثراء المعرفيّ في كلّ شيءٍ، وتتنفّس فكراً وثقافةً وعلماً من هذا المخزون المتجدّد عن حضاراتٍ سادت، وعطاءاتٍ امتدت، ورموزٍ بقوا في ذواكرنا، وأعمالٍ خالدةٍ تسكن في وجدان وضمير كلّ منّا؛ أمس واليوم، وإلى ما شاء الله.
في هذه الواحة الجميلة، بنخيلها الباسق، وعيونها المتدفقة، وتراثها الموغل في الزمان، وأهلها الذين أضاءوا المكان بصفحاتٍ ناصعاتٍ، ووشموها بنفحاتٍ وومضاتٍ، نلتقي هنا؛ فنتذكّر تاريخاً أثيراً برموزه؛ وبالتّالي نستذكر بياض توجّهات من كتبوه؛ ما لا يمكن لمثلي أن يتجاوز الكلام عنه أو يهمله أو يهمّشه في هذه المناسبة، وبحضور هذا الجمع الطّيّب.
***
إذ إنّ الأحساء - وهي أكبر واحةٍ على مستوى العالم - لا تكتسب أهمّيتها من كونها أكبر المحافظات أرضاً، ولا لأنّها تستحوذ على ربع مساحة المملكة تقريباً، وإنّما تستمدّ أهمّيتها من عمقها التاريخي الذي يعود إلى أكثر من أربعة آلاف سنة قبل الإسلام، حيث استوطنها السّاميون والفينيقيون والكنعانيون، وغيرهم من الأقوام، فيما سكنها بعد الإسلام من كانوا يدينون بالمسيحية كقبيلة عبد القيس التي أسلم أفرادها بأن دخلوا الإسلام دون أيّة مواجهةٍ حربيةٍ.
***
لقد احتلّت الأحساء من القرامطة، وفيما بعد تحوّلت إلى ولايةٍ عثمانيّةٍ، كما استولى عليها البرتغاليون، ومن ثّمّ شهدت الأحساء قيام دولة بني خالدٍ، وذلك قبل قيام الدولة السعودية الأولى، ثمّ كانت عودة الحكم العثماني للمرّة الثانية، إلى أن قامت الدولة السعودية بقيادة الملك المؤسّس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعودٍ.
***
وتاريخ الأحساء لا ينتهي عند ذلك، بما يمثّله من أهميةٍ لا نجدها في غير الأحساء، فهي واحة زراعية، ويوجد بها أكثر من أربعين عيناً كان الماء يتدفّق منها بانسيابٍ قبل أن تصاب بالجفاف إثر عوامل بيئيةٍ وبشريةٍ أدّت إلى نضوب المياه منها، لتتحوّل فيما بعد إلى مناطق جذبٍ للسياح، تبعاً لأهميتها في تاريخ المنطقة، وعلاقتها بما تميّزت به واحة الأحساء كسلّةٍ للتمور والأرز والخضراوات التي كانت تمدّ مناطق ومدن المملكة بخيراتها.
***
وتبرز المعطيات التي تتشكّل منها أهمية هذه الواحة الجميلة من كونها أكبر منتجٍ للنّفط في العالم، بما تضمّه من حقولٍ نفطيّةٍ عديدةٍ يشكّل أحدها، وهو حقل الغوّار أكثر من 60% من إنتاج المملكة، فضلاً عن أهمّيّة هذا الحقل في كونه مصدراً مهمّاً من مصادر المملكة في إنتاج الغاز ذي الأهمية الكبرى والرئيسة في استخراج النفط من باطن الأرض، فضلاً عن استخداماته الأخرى المتنوّعة.
***
ولحسن حظّ الأحساء أن كانت ثاني مدينةٍ أقيمت فيها صلاة الجمعة بعد الإسلام، إذ لا يسبقها في ذلك سوى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المدينة المنوّرة، حيث مسجد جواثا الذي لا تزال بعض معالمه باقيةً إلى اليوم، بينما يبقى قصر إبراهيم وقصر صاهود، وجبل قارة، وجبل الأربع، وسوق القيصيريّة، وسوق السويق، وأسواق السبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، معالم مهمة لامتلاكها هذا المخزون التراثيّ الهائل، ولا عجب بعد أن يتمّ اختيار الأحساء ضمن عجائب الدّنيا السّبع، وأن تحتلّ ذات يومٍ المراكز الأولى في المسابقة التي أقيمت عالمياً لهذا الغرض.
***
هذه إشارات موجزة، اعتمدت فيها على مطالعاتٍ سريعةٍ عن الأحساء ممّا توافر بين يديّ من مراجع، بما في ذلك مواقع الإنترنت، وهي لا تضيف لكم جديداً، ولا تقدّم لكم رصداً دقيقاً ومتوّسعاً لتاريخٍ بهيٍّ عن واحة الأحساء، بل إني هنا (من يحمل التّمر إلى هجر) وليس شبيهه، ولكنّي وددت الإشارة إليها أمامكم لتعلموا تطلّع محبّيكم لدورٍ أكبر لكم في قراءة تاريخ الأحساء وواقعها واستقراء غدها لنعمّقه ونزرع محبّته في عقول النّشء، ولنعطيه من العناية والاهتمام ما يبقيه حيّاً في العقول جيلاً بعد جيلٍ، وذلك بأن يتواصل الجهد والبذل في توثيقه وصيانة ما بقي من آثارٍ، والمحافظة عليها، مع استمرار البحث والتنقيب عمّا قد يكون قد طمست معالمه، أو غيّبت شواهده، أو أهمل توثيقه، وهو ما يفترض أن نتضافر من أجله هنا في الأحساء وفي كلّ واحات ومساحات الوطن.
***
لكنّي وبعد هذا العرض السّريع عن جوانب مضيئةٍ تعرفونها عن تاريخ الأحساء، وهو تاريخ تحتفظ به ذواكركم باعتزازٍ، وإرث ثمين تتمسّكون بكلّ ما يمثّله لكم من قيمةٍ كبيرةٍ تعاقب على بنائها الآباء والأجداد على مدى الزمن، فإنّ عليّ اعترافاً بالفضل أن أشكر فيه أولئك الذين هيؤوا مثل هذه المعلومات القيّمة عن الأحساء وحدّثوها وأضافوا إليها ووثّقوها عبر الوسائط المتعدّدة لتمكين الباحثين والدّارسين والمهتمّين بهذا الجزء الغالي من الوطن للاطّلاع على التّاريخ وهو يحكي ملاحمه ويبرز ملامحه.
***
بقي بعد ذلك أن أشير - في عجالةٍ - إلى مضيفي نادي الأحساء الأدبي معلماً وأعلاماً بقيادة رئيسه الدكتور يوسف الجبر وبقيّة أعضاء مجلس إدارته، وبرموزه وشداته، وبكلّ من يتعاون معه ويلتفّ حول نشاطاته داعماً ومسانداً ومؤيّداً، إلى أنّ هذا النّادي ومن متابعتي له، إنّما يمثّل مصدراً مهمّاً من مصادر الحراك الثقافي في المملكة، بما يقدّمه من محاضراتٍ وندواتٍ وفعاليات وإصداراتٍ، ضمن نشاطٍ أدبيٍّ متميزٍ، وتواكبٍ متفاعلٍ مع الحدث الثّقافي والمستجد الإبداعي، ولعلّنا نتذكّر الإسهام الوفائي الذي قام به النّادي إثر وفاة الدكتور غازي القصيبي، ليؤبّنه ببعض القصائد الشّعرية والكلمات النّثرية، لا باعتباره ابن الأحساء، وإنما لأنّه علم من أعلام الثقافة الكبار على مستوى المملكة والعالم العربي مثلما كان - رحمه الله - رجل دولةٍ، مارس مسؤولياته الوظيفية بكلّ إخلاص وتفانٍ إلى أن وافاه الأجل المحتوم.
***
وبالتأكيد فإنّ من يطّلع على التنظيم المعتمد للنشاطات في نادي الأحساء، وهو موجود في موقع النّادي على الإنترنت، سوف يتأكّد له سبب كلّ هذا التميّز الذي يتمتّع به هذا النّادي، حيث فرق العمل المتكاملة المتمثّلة في لجنة النّشاط المنبريّ، ولجنة المطبوعات والنشر، ولجنة العلاقات العامة والإعلام، ولجنة السّرد والشّعر، ولجنة الإبداع والمواهب، ولجنة التنظيم واللوائح، ولجنة ثقافة الصّورة، وكلّها لجان متفانية تسير ضمن التّصوّر الذي بنيت على أساسه مهامها، وهو ما يؤكّد أيضاً أننا أمام نادٍ أدبي ثريٍّ حريصٍ على إبراز الوجه الثقافي المشرق لأبناء وبنات المملكة.
***
والأحساء - كما هو معروف - بيئة ثقافية وأدبية وعلمية منذ القدم، وقد برز من أبنائها الكثير من الأدباء والشعراء والنقّاد وكتّاب الرّواية والقصّة، وهي حاضنة لكلّ إبداعٍ، ولها حضورها كلّما كانت هناك حاجة لخدمة الثقافة والمثقّفين، والمعنى الأهم هنا هو أنّها لا تغيب عن المشهد الوطني العام، ولا تنكفئ على نفسها دون متابعة المتغيّرات الفكرية الشّاملة، مشاركةً ومساهمةً بما يخدم العملية الإبداعية ويعتني بشؤون وشجون المثقّفين، وهكذا نرى أنّ الأحساء تحتضن إلى جانب النادي الأدبي - وبمبادراتٍ شخصيّةٍ - مجموعةً من المنتديات، وإن كان عددها قد تقلّص كثيراً إثر قيام النّادي الأدبي واضطلاعه ببعض أهدافها، لنبقى أمام حراكٍ ثقافيٍّ تتميّز به الأحساء؛ الأمر الذي يؤكّد أنّ مستجدّات الحياة وتعقيداتها لم تصرف أبناء الأحساء عن الاهتمام بالثّقافة، ولم تحل بينهم وبين الاستمتاع برؤية ألوان هذا الطّيف الثّقافي الجميل.
***
أسماء ثقافيّة كبيرة التصقت بالأحساء، وولدت من رحمه منذ أن كان يكنّى بهجر وإلى اليوم؛ فهذا قس بن ساعدة، ومن المشاهير طرفة بن العبد، وهناك ابن العربيّ والعبديّ وزياد الأعجم والأحسائيّ والجارود، وابن المقرّب وغيرهم كثير، بما يؤكّد أنّ الأحساء بيئة ولودة للشّعراء والمؤرّخين والعلماء، حاضنة لكلّ ما هو إبداع، دون أن تؤّثّر مشاغل الناس الماديّة والحياتيّة في الانصراف عن الاهتمام بمواهبهم وعنايتهم بتراثهم، وجدّيتهم في تطوير ثقافاتهم.
ولا بأًس أن أستكمل هذه الكلمة وأختتمها بعد حديثي عن الأحساء وناديها الأدبيّ بشيءٍ عن صحيفة الجزيرة التي اقترن عملي بها واسمي معها، وسنوات تعبي مع قوّتها وضعفها معاً؛ ما لا يمكن حصره في بضع كلماتٍ، أو اختزاله في مجموعةٍ من الصفحات؛ فهذا تاريخ يمتدّ عمره إلى قرابة نصف قرنٍ، معاناة ومواقف ومشاهد، لا تخلو كلّ منها من محطّاتٍ تستحقّ أن يتوقّف المرء عندها ملياً، وبتأنٍّ؛ ليأخذ منها العبر والدّروس.
***
لن أتحدّث عن قديم صحيفة الجزيرة، عن الفترة الأولى من رئاستي لتحريرها على مدى اثني عشر عاماً، وإنّما سيكون الحديث عن الفترة الثّانية التي بلغ عمرها أكثر من عشر سنواتٍ، وما أنجزناه في هذه السّنوات العشر الأخيرة من عمر الجزيرة، وهو جهد لا ينسب إلى رئيس تحرير صحيفة الجزيرة وحده، وإنّما هو نتاج عملٍ جماعيٍّ، شارك فيه وساهم في نتائجه مجلس إدارة المؤسّسة وإدارة المؤسّسة وأعضاء أسرة تحريرصحيفة الجزيرة، بما وضع الجزيرة في المكان الذي هي فيه، وأبلغها المستوى الذي وصلت إليه، بعد سنواتٍ من الضّعف والتّراجع عمّا كانت عليه في السابق.
***
تحضرني مجموعة من المعلومات التي تسرّكم عن بعض ما تمّ إنجازه خلال السّنوات العشر الماضية في صحيفة الجزيرة؛ بما مكّنها من أن تتبوّأ مكانةً متقدّمةً بين الصّحف الزّميلة، وأحياناً بما ميّزها عن غيرها، وسأمرّ عليها سريعاً، دون حاجةٍ إلى مزيدٍ من التّفاصيل في حديثي لكم عنها أو عن بعضها.
***
فضمن إيماننا بالشّفافيّة، وأهمّية الإفصاح عن أرقام توزيع الصّحيفة، فإنّ صحيفة الجزيرة ومنذ ثلاث سنواتٍ لا تزال الصّحيفة السعوديّة الوحيدة التي بادرت إلى إعلان أرقام توزيعها يومياً، معتمدةً وموثّقةً من الشّركة الوطنيّة الموحّدة للتّوزيع الّتي تملكها الصّحف السّعودية، وتوزّع الصّحف من خلالها، ويصل ما يتمّ توزيعه من صحيفة الجزيرة إلى قرابة مائةٍ وسبعين ألف نسخةٍ يومياً، وفي التّوجّه ذاته فإنّ الصّحيفة هي الآن، ومنذ قرابة العامين، أصبحت ضمن الصّحف العالمية والوحيدة بين الصّحف السعودية الّتي تخضع أرقام توزيعها إلى مراقبة وفحص الشركة العالمية للتّحقّق من الانتشار B.P.A؛ للتّأكد من صحّة أرقامها الموزّعة، وأرقام التوزيع هذه تنشر يومياً بالصفحة الأولى من الصحيفة، كخطوةٍ غير مسبوقةٍ.
***
وضمن الشّراكة مع الجامعات السّعودية فإنّ لصحيفة الجزيرة كرسياً بحثياً في كلٍّ من جامعة الملك سعودٍ وجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلاميّة وجامعة الأميرة نورة، وهذه كلّها في مدينة الرياض، ولها كرسيّ في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ومثله في جامعة طيبة بالمدينة المنوّرة، كما أنّ لها كرسيّاً في كلٍّ من جامعة الملك فيصلٍ بالأحساء، وكرسيًّا في جامعة حائل بحائل، وكرسيّاً في جامعة القصيم بالقصيم، وهناك توجّه لمزيدٍ من الكراسي في عددٍ آخر من الجامعات؛ وبهذا أضافت الجزيرة إلى قرّائها شريحةً من أهمّ شرائح المجتمع السّعودي؛ وبذلك فهي الصحيفة الوحيدة المتوافرة داخل أروقة الجامعات، والمتاحة كلّ صباحٍ للأساتذة والإداريين والطلاّب من الجنسين في الجامعات الثماني، ونفتخر بأنّ خادم الحرمين الشّريفين كرّمنا على هذه الخطوة الحصرية في جامعاتنا.
***
ولأنّ الشّأن الثّقافيّ يجمعنا بهذا النادي (نادي الأحساء الأدبيّ) فلا بدّ من الإشارة إلى وجود قسمٍ للثّقافة بالصّحيفة، يديره زميل بمنصب (مدير تحريرٍ)، هو الدكتور إبراهيم التركي. ومن إنجازات هذا القسم إصدار مجلةٍ ثقافيةٍ أسبوعيةٍ، وصفحةٍ ثقافيةٍ يوميةٍ، وملحقٍ ثقافيٍّ أسبوعيًّ، والبدء بإصدار مجموعةٍ من الكتب، وقد صدر منها حتى الآن كتاب عن الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - وكتاب آخر عن عبدالله بن خميس، وفي الطريق كتب أخرى.
***
وغير ذلك، فإنّ صحيفة الجزيرة هي أوّل صحيفةٍ سعوديةٍ تطلق خدمة قنوات الجزيرة الإخبارية على الجوال (الرسائل القصيرة SMS)، واستخدمت تقنيات البلاك بيري للتّفاعل مع الجمهور، كما أنّها توجد بنسخٍ ورقيّةٍ في 126 مدينةً حول العالم، ويمكن طباعتها باستخدام مكائن الطباعة الذاتية عبر الأقمار الاصطناعيّة، وهي الصحيفة الوحيدة التي تبثّ أخبارها السّمعيّة بواسطة (هاتف الجزيرة الثابت) لاستخدام ذوي الاحتياجات الخاصة.
***
لقد كان من بين أهمّ ما ميّز السنوات العشر الماضية إيجاد قسمٍ نسائيٍّ لأوّل مرّةٍ بالصّحافة السعودية. يقوم هذا القسم بالأعمال الكاملة التي يتطلّبها العمل الصّحفيّ الاحترافيّ، من صفٍّ وتصحيحٍ وإخراجٍ وتسويقٍ وأعمالٍ تحريريّةٍ أخرى، مع تفرّغٍ كاملٍ للعمل. ويضمّ القسم حالياً أكثر من 25 صحفيّةً متفرّغةً، ومثلهنّ غير متفرغاتٍ. كما أنّ صحيفةً إلكترونيّةً باسم (صحف) قد بدأت منذ أكثر من عامٍ بالصّدور بمادةٍ صحفيةٍ مختلفةٍ عن المادة الصّحفية في الصّحيفة الورقيّة، فضلاً عن استمرار موقع الصحيفة الإلكتروني في العمل، وخضوعه الدائم والمستمرّ للتّجديد والتطوير، ويبلغ معدّل زوّاره أكثر من مليونٍ ونصف المليون زائرٍ شهرياً. وبخلاف ذلك فهناك موقع آخر على النت لأرشيف الجزيرة، يمكّن المتصفّح من الاطلاع على الصحيفة منذ صدور أوّل عددٍ منها منذ قرابة نصف قرنٍ وإلى اليوم على شكل صفحاتٍ، وبالشكل الذي كانت تطبع به.
***
لقد أدّى تنامي الموادّ الصّحفية - وبخاصّةٍ الإخباريّة الجيّدة منها - إلى اللّجوء إلى الطبعات الثلاث للصّحيفة يومياً، وهذا ساعدنا في التّغلّب على مشكلة الوقت والمواصلات وضيق المساحات؛ وبالتالي مكّننا من استيعاب أكبر كمّيةٍ من الأخبار، ومتابعة التطورات محلياً وعالمياً؛ ومن ثمّ الاهتمام بقرّائنا في جميعٍ مناطق المملكة وبينها الأحساء بجميع مدنها وقراها وعلى امتداد مساحتها الكبيرة.
***
هذا ما اعتقدت أنّ وقتكم يأذن به لأتحدث لكم عن ثلاثة محاور ضمنتها في هذه الكلمة: الأحساء بتاريخها وثقافات أهلها، وهذا النادي الحاضر والفاعل في كلّ مناشط وفعاليّات الثقافة في بلادنا، ثمّ صحيفة الجزيرة المتجدّدة باسمها الكبير وتاريخها المشرق. شكراً لكم على إصغائكم، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
******
بعض المداخلات والأسئلة التي تمت مع رئيس التحرير بعد نهاية محاضرته وإجابته عن بعضها
أولاً: مداخلة الشيخ عبدالرحمن الملا رئيس النادي الأدبي في الأحساء سابقاً، الذي رحّب بالأستاذ خالد المالك في الأحساء، وقال إنه أحد أعمدة صحافتنا. وقال الملا: كان لي الشرف بالكتابة في جريدة الجزيرة منذ عام 1381هـ. وشكر له هذا اللقاء.
ثانياً: مداخلة الدكتور محمد الهرفي، عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية.
- قال إنه سعيد بجريدة الجزيرة وتوجهها بشكل عام، ثم وجَّه سؤالاً: ما صدر من تعديلات في نظام المطبوعات هناك أشياء لم أفهمها؛ أريد أن أعرف تفسيركم لعدم التعرض للرجال والدولة.
ثالثاً: مداخلة المهندس عبد الله الشايب، الذي وجَّه سؤالاً:
- هل بالإمكان أن تقوم الجزيرة باستقطاب عدد من الكُتّاب من هذه المنطقة للكتابة في الجزيرة؟
رابعاً: مداخلة الدكتور سعد البراك عضو هيئة تدريس سابق في جامعة الملك فيصل.
- أرحِّب بالأستاذ خالد، وأسأله: ما المواقف الصعبة التي مرَّت عليه في صحيفة الجزيرة؟
خامساً: مداخلة الأستاذ حمد البوعلي.
- في مثل هذه الظروف التي اخترقت فيها الموازين لم يبق فيها إلا أن نعمل معاً وسوياً؛ فنحن في حاجة ماسة لنشد أيدينا مع بعض، إننا في زمن اتسم بالجمود والخمول، ونحن نبحث عن الوفاء، وأقدم شكراً معطراً لكل من زرع بذرة حُبّ ووفاء.
سادساً: مداخلة الأستاذ الشاعر عبد اللطيف الوحيمد.
- نتقدم لوزارة الثقافة والإعلام بطلب تراخيص لفتح صحف في مناطق المملكة.
المداخلة السابعة: كانت لوكيل محافظة الأحساء الأستاذ خالد بن عبد العزيز البراك.
- هل هناك أسباب استوجبت تعديل نظام المطبوعات كأن يكون ذلك بسبب تجاوزات من بعض الصحفيين؟
المداخلة الثامنة: محمد الجوهري من صحيفة اليوم.
- ما فرص نجاح الصحافة المسائية؟ ولماذا توقفت صحيفة المسائية؟ وهل الصحافة السعودية إقليمية؟
المداخلة التاسعة: حسن السلطان الذي وجَّه سؤالين:
- هل فعلاً الصحفي المتمكن يستغني عنه رئيس التحرير؟ وماذا عن الحرية الصحفية؟
المداخلة العاشرة كانت للأستاذ محمد الملحم المدير العام لتعليم البنات السابق:
- ما مدى قيادة المرأة للصحيفة؟ وهل بالإمكان أن تصبح رئيسة للتحرير؟
مجمل إجابات رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك عن بعض المداخلات تتلخص في:
صحيفة الجزيرة جاهزة لاستقطاب بعض الكُتّاب من المنطقة، وأؤكد أننا على استعداد لاستكتاب الكُتّاب والتواصل معهم.
أما عن التعديلات الأخيرة على نظام المطبوعات فقال إن وزير الثقافة والإعلام طمأن رؤساء التحرير بأن الحرية مكفولة للصحف، وبقدر ما كانت تعمل به قبل صدور التعديلات، مؤكداً أن ما هو غير مقبول تلك التجاوزات التي تمس الأشخاص بشكل شخصي، وقال إن نظام المطبوعات لم يكن من قبل معنياً بالصحف الإلكترونية، غير أنها الآن ستكون خاضعة لتطبيق النظام عليها، وأبلغ الحضور بأن هيئة الصحفيين سوف تشارك مع مسؤولي وزارة الثقافة والإعلام في إعداد اللائحة التنفيذية للنظام.
وقال: علينا ألا ننزعج من هذه التعديلات، ولا بد من أن نشيد بمساحة الحرية التي أعطاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لوسائل الإعلام.
وعن رأيه في إصدار صحف جديدة في مناطق المملكة قال إنه ابن القصيم، وهناك مَنْ يطالب بإصدار صحيفة فيها، وأنا لست مع هذا الرأي؛ لأن إصدار صحف جديدة مكلف وغير مضمون النجاح في أي من مناطق المملكة، وبخاصة أن العمر الافتراضي للصحف الورقية لن يكون طويلاً.
وعن التجارب التي مرّ بها في صحيفة الجزيرة قال:
مشروعي الأول عندما توليت رئاسة التحرير عام 1392هـ كان إصدار جريدة الجزيرة يومياً بعد تسع سنوات من الانتظار، وكنا آنذاك خمسة أشخاص، ونجحنا في إصدار الجزيرة خلال فترة زمنية قصيرة، وبعد أكثر من اثني عشر عاماً من العمل رئيسا لتحريرها تركت الجزيرة لأعود إليها بعد 15 سنة، فإذا بها غير صحيفة الجزيرة التي كنت رئيس تحريرها؛ فقد انتقل منها الكثير من الزملاء وأصبحت المسؤولية لإعادتها إلى ما كانت عليه شاقة، ونحمد الله أنها عادت إلى الوضع والمستوى والتأثير الذي كنا نسعى إليه.
الصحيفة المسائية فكرتها والهدف منها كان تغطية الفترة الزمنية التي لا تكون فيها صحف أخرى، وهي الفترة الظهرية والمسائية، في زمن لم تكن فيه فضائيات، وواصلت الصدور على مدى عشرين عاماً، وسبب إيقافها معوقات التوزيع؛ إذ يتعذر توزيعها وحدها من قِبل شركة التوزيع، ولا أعتقد أن هناك فرصة لنجاح صحيفة مسائية بالمملكة.
الصحافة في المملكة لها طابع إقليمي؛ لأن المملكة قارة، والصحف متوزعة بين مناطق المملكة.
للجزيرة كراسي في ثماني جامعات موزَّعة بين عدد من الجامعات في عدد من مناطق المملكة.
الصحفي المتمكن لا يمكن أن يستغني عنه رئيس التحرير.
بالنسبة للمرأة فهناك اهتمام من الجزيرة بمشاركتها، ونحن بصدد إصدار جريدة إلكترونية خاصة بها، ولا يمنع أن تكون المرأة قيادية ورئيسة للتحرير.
الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - فيه الكثير من جميل الصفات والمواصفات؛ فهو شاعر مجدِّد وقاص مثير وناقد متميز وشخصية تأسرك. العلاقة بيننا لا تخلو أحياناً من مواقف تصادمية، وليس بالضرورة أن نتفق معه في كل شيء. وغازي وزير دولة، مواقفه تتسم بالإخلاص للوطن والمواطن، وقد تميز في عمله بالكفاءة والنزاهة والتفاني في كل شيء.