في ليلة البارحة وبعد وجبة كاملة الدسم من المفاطيح السمان وبعد أن دلق بجوفه سطلاً كاملاً من اللبن الرائب وحليب النوق راح المواطن العربي (س.ف) ليغط في نوم عميق كالعادة وما أن استدارت ساعته البيولوجية لتؤشر على منطقة الحلم في عقله الباطن حتى تتالت عليه أضغاث الأحلام إلى درجة الكوابيس فأحس (بجاثوم) رهيب يجثم على صدره فنهض كالملدوغ مبسملاً ومتعوذاً من الشيطان الرجيم، ثم قرأ بعض المعوذات لتطرد عن مخيلته الكابوس. اتجه إلى صالة البيت وأدار قرص التلفاز فرأى أحد الزعماء العرب يصهل بعنف هكذا (الجرذان، الجرذان. من أنتم، شدوهم شدوهم) فقلت يا للهول حتى هذا الجنرال القائد يخاف من الجرذان.
إذن لا ضير علي أن أخاف من (الجاثوم) ثم أدرت الريموت إلى محطة عربية ثانية فرأيت مواطناً وحيداً في شوارع إحدى عواصمنا العربية يصرخ بأعلى الصوت (اصحوا يا ناس الرئيس هرب) فقلت لا شك أن ذلك فيلم تافه فغيرت المحطة إلى العاصمة الثالثة فإذا بزعيم عربي ثالث يهاجم (البلطجية) فعرفت أن البلطجية هم مجموعة من الشباب يريدون العمل والحرية لا أكثر، ثم اتجهت للمحطة الرابعة فإذا بزعيم عربي آخر يصرخ حتى يكاد أن يفجر شاشة التلفاز وهو يقول هؤلاء (بلاطجة) قطاعين طرق ففهمت منه أن (البلاطجة) عدة ألوف من شعبه الفقير الذي لم يعد يجد الخبز. ثم غيرت الموجة فإذا بزعيم خامس يقول هؤلاء (شبيحة) ولم أفهم هذه المفردة إلا حينما أدرت الموجة إلى قناة أجنبية ففهمت أن الشبيحة هم شعبه المتظاهر في كل مدنه وقراه فتعجبت إذ كيف يقبل كل أولئك الزعماء أن يحكموا شعوباً (بلطجية، وزعران، وشبيحة) لأن مسيرة الأحداث أثبتت أن الشعوب الخمسة كلها حسب نظرة الزعماء هكذا وما دام الأمر هكذا (ونصف). إذن فليبحث أولئك الزعماء عن شعوب أخرى ولو بالاستيراد أو رحيلهم هم عن تلك الشعوب (وذلك أحسن لهم).