|
جازان- أحمد حكمي
قبل أن يبدأ معالي الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاضرته بجامعة جازان «شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعناية المملكة العربية السعودية بها» والتي جاءت ضمن فعاليات الموسم الثقافي الرابع بجامعة جازان الذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان أمس الأول، زف معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي آل هيازع بشارة برهان من ميدان الخبرة في تعامله مع الطيف الشبابي الواسع من الشباب الجامعي بجامعة جازان بأنه لم يصل لمكتبه أو دوائر لجان الجامعة المختلفة قصة واحدة تخدش الحياء أو تجرح هذه الشعيرة. ولم يحاسب أحداً على شيء يخل بهذه الفضائل السامية في دلالة بأن الأخلاق السامية الإسلامية هي اللباس والمنهج والمعتقد.
وقال معالي مدير الجامعة في كلمته: يطيب لي ونحن على مشارف مسك الختام لموسم جامعة جازان الثقافي أن أجزل وافر الشكر وعظيم الامتنان للمحرك الأساسي الدافع وراء كل ليالي الثقافة في المجتمع والجامعة. وقال: هذه يا صاحب السمو شهادة حق وأنتم من كان وراء الأسماء الكبرى التي زيّنت عقد موسمنا الثقافي، مثلما أنتم راعي كل هذه اللقاءات الثقافية الوطنية التي كانت جزءاً أساسياً من جدولكم رغم عظم الارتباطات وعظيم المسئولية.
وأضاف آل هيازع القول إن من حشو الكلام أن نبادر الكلمات والخطب في حضوة الاستثناء المتميز لضيف موسمنا الثقافي، مثلما نعرف جميعاً أن الحواشي تتماهى في حضور المتن وإنما أقف الآن في هذه الدقائق العابرة شاكراً ممتناً لضيف غال عزيز دعوناه فلبى الدعوة، واخترناه فاختارنا نحن من بين كل ارتباطاته،ثم جاء إلينا هذا المساء لا تقريراً لهذه الجامعة فحسب، بل للمجتمع بأسره في هذه المنطقة وهو يخصها تماماً مثلما اخترناه عن قصد ليكون خير الكلام وخاتمة العقد من لآلئ موسم جامعة جازان الثقافي لهذا العام.
وحدة الوطن المبارك قامت على الثوابت
وبين آل هيازع في كلمته أن وحدة هذا الوطن المبارك قامت على الثوابت التي ابتدأت بها رسالة هذه الأمة. أمة تحكم بشرع الله وتسلك منهجه معتقداً. ولعل أهم القيم النبيلة في حياة هذا المجتمع أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يكن خياراً بشرياً ولا بدعة إنسانية بالقدر الذي تكون هذه الشعيرة عبادة وتقرباً والتزاماً بأمر رباني خالص لا يقبل الشكوك أو المساومة.
وقال آل هيازع في كلمته إن الفضيلة التي تميز سمة هذا المجتمع وتتصدر الغرّة من سماته بين كل المجتمعات والأوطان والدول. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو قوام الاستقامة وحصن العفاف بمثلما هو ستر أعراض الناس بمثلما هو أيضاً سهر هؤلاء المحتسبين الأفاضل على كرامة المجتمع وأمانة في أماناته من دين وعرض وشرف.
وأضاف نحن يا صاحب المعالي ممتنون وشاكرون لكم ولجهازكم الموقر على التصدي لهذه المسئولية الجسيمة بمثل ما نعتبر أنفسنا كل في مكانه وظرفه شركاء في قلب هذه المهمة. وأختم يا صاحب المعالي بالتأكيد على أن جامعة جازان بكل كوادرها وإمكاناتها المادية والبشرية ستكون مثلما كانت وفّية لشراكتها الإستراتيجية مع جهاز الهيئة في الاتفاقية المبرمة ما بين الطرفين وفخورون أن يدينا امتدت إليكم في البواكير الأولى لنشأة هذه الجامعة بمثلما نحن فخورون أن يديكم صافحت يدينا توقيعا على واحدة من أولى الاتفاقيات المبرمة في تاريخ هذه الجامعة.
وقال: نحن بوجودكم صاحب المعالي نقطف ثمار البذور أولاً لغراس هذه الفضيلة ونحصد غرس ما وقعناه معكم من اتفاق لا تجف أحباره لأن أحبار الفضيلة لا تجف. وختاماً لكم امتناني وشكري إنابة عن كل فرد منسوب لهذه الجامعة، عن هؤلاء الذين أمامنا اليوم وعن الذين يحملون في قلوبهم على الدوام ذات الميثاق الذي استودعه الله أمانة مع كل مسلم: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».
استحقاق الخيرية بين الأمم
عقب ذلك شاهد سمو أمير منطقة جازان والحضور فيلما وثائقيا عن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم بدأت المحاضرة التي ألقاها معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفع في بدايتها الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله لما يقومون به من دعم ورعاية وعناية دائمة لكل ما من شأنه إعزاز الدين وإقامة شعائره، ومن ذلك عنايتهم أيدهم الله بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأوضح أن استحقاق الخيرية بين الأمم إنما يكون بأعمال بعينها حددها الله تعالى بقوله: «تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..» فقال إن الله سبحانه وتعالى أعلى من شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعله من أسباب الخيرية ومن أسباب الاستخلاف في الأرض وواجبا من أهم الواجبات على من ملكه الله أمر الأمة, مشددا على أن هذه الشعيرة ستبقى في كل زمان ومكان شاهداً من شواهد عظمة الدين الإسلامي.
وأبان معاليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة إسلامية تجعل المجتمع قوياً أمام كافة التحديات وكافة المؤثرات الخارجية مشيرا إلى أن الهيئة تمثل الأنموذج المعاصر لتطبيقات الحسبة.
الأنموذج المعاصر لتطبيقات شعيرة الحسبة
وقال إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه البلاد تجسد الأنموذج المعاصر لتطبيقات شعيرة الحسبة في مجالات الأمن العقدي والفكري والأخلاقي قدمتها الدولة السعودية المباركة منجزاً يحفظه التاريخ وشاهداً على سلامة المنهج وصدق الإدارة في تحكيم أمر الله وهي تجربة حري بنا أن نصدرها للمجتمعات التي تنشد الأمن على الضرورات الخمس دون تجزئة.
واستعرض معالي الشيخ الحمين المراحل التاريخية التي مرت بها الحسبة منذ صدر الإسلام وحتى الوقت الحالي مذكرا بالعناية الخاصة التي وجدتها الحسبة عبر الدولتين السعودية الأولى والثانية والتي مثلت صورة مشرقة لتطبيق ولاية الحسبة عبر التعاضد بين الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب ـ رحمهما الله.
وأضاف أنه تم استمرار النهج الأصيل للدولة السعودية الثالثة التي توحدت على يدي المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله مشيرا إلى ملامح ذلك النهج عبر أدوار قام بها العلماء لافتاً الانتباه إلى أن الحسبة أصبحت في عهد أبناء المؤسس مكوناً رئيسياً من مكونات الدولة.
واستعرض ملامح المشروع التطويري الذي شهدته الرئاسة وفروعها في التخطيط الاستراتيجي وتطوير البناء الداخلي وتطوير الخدمة المقدمة للمجتمع مشيراً إلى إنجاز مشروع الخطة الإستراتيجية للعشرين عاما المقبلة مع الشريك الإستراتيجي للهيئة وهو جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وإنجاز الخطة التنفيذية للسنوات الخمس المقبلة ونشر ثقافة التخطيط والتطوير الاستباقي وتطوير الإدارة العامة للتخطيط بالرئاسة لتحقيق كافة الأهداف المرتبطة بالجودة فضلا عن تبني نهج علمي يقوم على البحث العلمي والمؤسسي والتركيز على قيمة مهارات الأعضاء إلى جانب الكراسي العلمية والبحثية في الجامعات السعودية والتي من أبرزها كرسي الملك عبدالله للحسبة وكرسي الأمير سلطان لأبحاث ودراسات الشباب وكرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
التحصين المبكر من خلال العمل التوعوي
وفيما يتعلق بمجال تطوير الخدمات المقدمة للمجتمع بين الحمين أن الهيئة تعمل على التحصين المبكر من خلال العمل التوعوي والإعلامي لترسيخ المعروف والوقاية من المنكرات، وقد تم تطوير الإدارات المعنية بذلك لتكون ضمن الإدارات العامة واستحداث مركز إعلامي في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات العامة، والتوسع في استخدام الوسائل والأساليب التي تحقق النجومية للقيم، والشراكة في حماية القيم والأخلاق من خلال تفعيل الشراكة مع الجامعات والهيئة العامة للسياحة والآثار والجهات ذات العلاقة، وتعزيز الوقاية الظرفية التي تحول دون وقوع المنكرات من خلال التغطية الذكية والانتشار المنظم في أماكن وقوع المخالفات، ورفع مستوى المهنية في الضبط وضمان حقوق أطراف العملية الضبطية، وزيادة التغطية المكانية والزمانية وتنويع أساليبها ورفع كفاءتها، وتطوير نظام البلاغات وتلقي الشكاوى، واستصلاح الأطراف المخالفة.
عقب ذلك فتح المجال للمداخلات التي قدمها عدد من الحضور كان من أبرزهم الأستاذ أحمد البهكلي، والدكتور محمد الهرفي، والدكتور عبدالرحمن علوش، والتي تمحورت حول موضوع المحاضرة.
وفي ختام المحاضرة سلم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان شهارات التخرج لعدد من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جازان المشاركين في عدد من الدورات التي نفذتها جامعة جازان، تنفيذاً للاتفاقية المبرمة بين الجامعة والهيئة، بعد ذلك سلّم سمو أمير منطقة جازان هدية تذكارية من جامعة جازان لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما تسلم سموه هدية من معاليه، وهدية أخرى لمعالي مدير جامعة جازان.
المدخلي مدير الهيئة: جامعة جازان تضرب أروع الأمثلة في نقل الخبرات والاستفادة منها
من جانبه أشاد مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة جازان الدكتور عبدالرحمن بن عمر المدخلي بالدور التكاملي القائم بين جامعة جازان وفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة جازان، وقال المدخلي إن هذا التكامل قد ضرب أروع الأمثلة في نقل الخبرات والاستف ادة من الإمكانيات.
وأكد المدخلي أن هذا الدور يأتي تجسيداً للشراكة من مذكرة التفاهم التي وقعها معالي الرئيس العام للهيئة مع معالي مدير الجامعة وآتت ثماراً طيبة خاصة في مجال التدريب وإقامة الدورات والاستشارات والتوعية والإرشاد والتثقيف.
وأوضح المدخلي أن محاضرة معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالعزيز الحمين في رحاب جامعة جازان تأكيد لهذه الشراكة واستمرار في قطف ثمارها، عبر موسم الجامعة الثقافي الذي أصبح المجتمع ينتظرها لما يحمله من ثقافة وفكر نيّر من خلال أصحاب السمو والمعالي الذين يثرونه بكل جديد ومفيد.
وبين أن هذا التواصل والترابط بين الطرفين يأتي بمباركة وتشجيع من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان وحرص ودعوة من معالي مدير جامعة جازان الأستاذ الدكتور محمد بن علي آل هيازع واستجابة وحضور من معالي الرئيس العام للهيئة الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين.