الأستاذ عبد الله بن محمد بن خميس - رحمه الله - أديب شاعر ومفكر باحث وإعلامي صحافي رائد جعل من قضاياه وهواجسه المستقبلية قضية رأي عام.
وهنا ينبغي القول إن الأديب والمفكر لم يرد بث خطاب معين أو أن يقول شيئا معينا في شعره ونثره عن طبقة معينة، إنما هو صوت صادق لإثبات ذاته وتحريرها من ركام الصور الخاصة وفي قلمه تمرد ومحاولة اكتشاف ومعرفة دائمين.
وكتابه المجاز بين اليمامة والحجاز رائد في مجاله ومنبعث من ارتباط الإنسان بأرضه زمنا ومكان يتحرك ويحركنا لمزيد من المعرفة ومزيد من العشق الذي ارتبط برائحة الأرض، يقول في مقدمة الكتاب (فتظل هذه الأعلام رهن الذاكرة، وقيد التصوير.. ليعلموا أين مكان كل منها من طريقهم، وما مضى منه وما بقي.. ولها شأن في ضبط خط السير، والدلالة على قصده، وتجنب الضياع والمتاهات، وتحديد المناهل، والطرق الآمنة، والمسالك السهلة..).
يقول الدكتور حمد المرزوقي (ولكن يخطئ من يقرأ مسيرة أمة ويحكم على مستقبلها من خلال توقيت زمني معين) ونحن في حديثنا عن الأستاذ عبد الله بن خميس - رحمه الله - لا نقف عند زمن معين وإنما نتداخل مع الأديب والمفكر من خلال منتجه العلمي والأدبي متمكن ورائد في المجالات التي انشغل بها وأثار أدبه وفكره العديد من الأسئلة التي معها نكتشف أنه صاحب رأي موثق بالمصدر ومدعم بالبحث الذي معه يتحرر من النقل واتهام الآخر بقلة المعرفة.
لقد ارتبط - رحمه الله - بالإنسان والمجتمع بموضوعات وقضايا وطنية وقومية متعددة المظاهر والأبعاد في طابع نقدي متميز ودعوة إلى التغيير من خلال الكشف والتعرية؛ ومقاله في مجلة الجزيرة (أين تذهب ثروة العالم العربي) وتطرق فيه كما جاء في كتاب (الفكر والرقيب) للأستاذ محمد القشعمي إلى أن مستقبل الأمة في مهب الريح وبسب هذا الرأي سحبت المجلة من الأسواق وتم إيقافها عن الصدور لتتحول في عهد المؤسسات إلى صحيفة يومية.
تقول الأستاذة هيا بنت عبد الرحمن السمهري في الخاتمة من كتابها (عبد الله ابن خميس ناثرا) الصادر عن مكتبة الملك فهد الوطنية (ومما يميز سيرة الشيخ حرصه على ذكر التفاصيل، ورواية أحداث الطفولة والصبا وإيراد أسماء الأشخاص وأدوارهم في حياته. وكشفت الدراسة أن الشيخ أجرى السياقات القصصية في بيئات بدوية اجتماعية متعددة الشرائح والطباع، ورسم من خلال الشخصيات والحوارات؛ومنها توصل إلى مضامين عليا أراد من القارئ استشرافها والتمثل بها).
وقد حصل على العديد من ميداليات وأوسمة التكريم أهمها حصوله على جائزة الدولة التقديرية للأدب في عامها الأول عام 1403هـ وتكريمه في الدورة السابعة عشرة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) عام 1422هـ.
الأستاذ عبد الله بن خميس رحمه اله في تقديمه لكتاب (البدايات الصحفية في المملكة العربية السعودية/ المنطقة الوسطى) تأليف الباحث والمؤرخ النشط الأستاذ محمد بن عبد الرزاق القشعمي يؤكد ريادته الصحفية وهو يقول (للصحافة في ذاكرتي شؤون وشجون، فهي رفيقة الدرب وموئل القلم ودوحة العطاء التي ابتدأ غرسها منذ ما يربو على نصف قرن من الزمان، وفي تلك الفترة التي بدأت مشروعي الصحفي بالمنطقة الوسطى (الرياض) لم يكن هناك من اهتمام بالثقافة والأدب، وكان الجميع مشغولين بلقمة العيش وشظف الحياة، إضافة إلى انتشار الأمية بصورة كبيرة) والجزيرة كمجلة صدر عددها الأول في شهر ذي القعدة 1379هـ تناقش الموضوعات وتحولها إلى قضايا رأي عام حتى تم إيقافها لتتحول عام 1383هـ إلى مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر مشكلة الجزيرة الجريدة اليومية من عام 1384هـ.
المتابع لمشاركات الأستاذ عبد الله بن خميس - رحمه الله - الإعلامية التعاضد مع الجديد في مجال الصحافة بكتاباته وطرح أفكاره والصدع برأيه مبرزا الجانب الأسود من الصورة للوصول إلى الجانب الأبيض النابض بالحياة وهو ينزع قناع البؤس الاجتماعي والتخلص من الأيدلوجية الزائفة المتناقضة مع مصالح الإنسان في وطن يسعى إلى الكمال وفق مقدراته.
يقول الأستاذ عبد الله بن خميس (وإذن فأنا وأنت نعمل لهدف واحد، ونعيش مع آمال وآلام مشتركة، هي ما سبق أن أشرت لبعضها، وهي بحاجة منا جميعا إلى عمل، والى جهاد والى تضحية، والى صبر.. وذلك واجب علينا جميعا وجوبا حتميا لا محيد عنه.. وليس لنا بد من مواجهة واقعنا بما فرض علينا من واجبات وألزمنا من حقوق.. وإلا كنا سلبيين، نعيش على هامش الحياة، ونعايش الأحياء بغير أسلوب حياتهم، ومتطلبات زمنهم) وحريٌّ بنا ونحن نتذكر أن نقر ريادته -رحمه الله- كمفكر باحث وكإعلامي من خلال دوره في قيام صحافة تقول الحقيقة وتسعى للبناء نستفيد من تجربته أديبا ومفكر من نبت هذه الأرض التي تبحث عن كلمة حق من المستفيدين من خيراتها. إنه عبد الله بن خميس الرائد والرائد لا يكذب أهله. - رحمه الله - وأسكنه فسيح جناته.