مات العَلم والمعلِّم الأستاذ الكبير عبدالله بن محمد بن خميس تاركاً لمن يؤبِّنه اليوم ولمن يقرأه في الغد ما خلَّده في دنياه من إرث ثقافي متنوع ومهم، ومن شهرة أبقته في دائرة الضوء ثقافياً وسياسياً واجتماعياً، بوصفه واحداً من أبرز الشعراء والأدباء والمؤرخين والإعلاميين في البلاد، لينهي حياته بسيرة حافلة بكل ما هو جميل من تلك العطاءات الثقافية التي أعطاها من دفق إخلاصه ومحبته ومواهبه ما ميَّز فكره وقرَّبه من الناس.
***
وعبدالله بن خميس سيبقى واحداً من الرموز التاريخيين الذين يفتخر بهم الوطن معتداً باسمه الكبير في كل محفل ثقافي، ومع كل مناسبة تُستحضر فيها الأسماء اللامعة في دنيا الثقافة والفكر، وهكذا يكون التعاطي مع هذه النماذج وبينها عبدالله بن خميس ممن أثروا المكتبات والحياة الثقافية بما خلَّد أسماءهم أحياءً وبعد مماتهم.
***
وبالتأكيد، فإنَّ وفاة عبدالله بن خميس تمثل خسارةً كبيرة للوطن، وللفكر المنفتح الذي تميَّز به قلم الراحل الكبير، غير أن هذه الخسارة بجسامتها وحجمها الكبير، يقابلها عشرات من الكتب والدواوين الشعرية والأبحاث التاريخية التي صدرت لعبدالله بن خميس مؤسس هذه الصحيفة، لتكون بين أيدي الباحثين والدارسين وشداة الثقافة والأدب بمثابة التعويض لهم عن بقية باقية حال مرض الفقيد ثم وفاته عن استكمال ما كان ينوي أن يكتبه ويهديه لهؤلاء.
***
ما أسعد عبدالله بن خميس وهو يودع هذه الدنيا الفانية، وقد ترك وراءه هذا الرصيد الكبير من الكتب والمقالات، وهذه التجربة الثرية في خدمة الثقافة والأدب، بأمل أن يكون بمقدور الآخرين محاكاتها والإفادة منها، فهي بحق تجربة غنية بالدروس وجديرة بالاحتفاء، وقادرة على ضبط إيقاع العمل الثقافي ليكون بمستوى ما كان عليه جهاد قلم عبدالله بن خميس.
***
تحية وفاء لهذا العَلم والمعلِّم في يوم رحيله، فقد أعطى في شبابه وشيخوخته معاً وإلى أن أقعده المرض ما مكَّنه لأن يتبوأ الريادة الثقافية المبكرة في هذه المنطقة من المملكة مع رفيق دربه المغفور له -إن شاء الله- الشيخ حمد الجاسر وأن يتمسك بها إلى أن وافاه الأجل المحتوم. فأحسن الله عزاء الجميع في وفاته وعظَّم أجرهم وغفر للفقيد الغالي وعوَّضه بما هو خير له وأبقى، و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).