شاهدت كما شاهد غيري حلقة نوافذ في قناة الإخبارية والتي بُثت بعد ظهر يوم الخميس 2-6-1432هـ، تقديم الشاب المتألق عبد الرحمن الحسين، وكانت حلقة رائعة لكونها تطرقت إلى محور مهم جداً طالما عانى منه الكثيرون وينتظرون الحل السريع لهذه الظاهرة التي باتت تؤرق المجتمع، حيث حرمت الكثير من العائلات ارتياد الحدائق العامة لسببين هما:
1 - الوضع المأساوي الذي تشهده دورات المياه في تلك الحدائق من تدني مستوى خدمة النظافة والصيانة إلى وضع لا يُحتمل.
2 - العادة السيئة من كثير من مرتادي تلك الحدائق وهي تعاطي الشيشة والمعسل والدخان مما أفسد الهواء الطلق على غيرهم وكتم أنفاسهم بانتشار أول أكسيد الكربون في الهواء لهذا السبب.
وقد كانت الحلقة حلقة متميزة حاولت المداخلة، فلم أستطع بسبب شغل خط الهاتف. ولي مع هذه الحلقة عدة وقفات:
الوقفة الأولى: قدمت الحلقة تقريراً عن الموضوع، حيث أجرت عدداً من المقابلات مع بعض مرتادي الحديقة لمعرفة آرائهم وتقييمهم لها، وكان من بين تلك المقابلات مقابلة مع أحد المقيمين حاملاً طفليه بين يديه وهو يشيد باستخدام الشيشة في الحديقة في الهواء الطلق، ويؤكد أنه لا حديقة إلا بشيشة، وأنه يستمتع بها في هذا المكان بين أطفاله وعامة الناس، ويفتخر بأن الشيشة في بلاده في كل مكان. فأقول:
لو أن الحلقة سلمت من هذا اللقاء كان أولى، فهو - هداه الله - يبث الدعاية لاستخدام الشيشة في الحدائق العامة وتباشير الفرح تظهر على وجهه، ناسياً أو متناسياً الضرر الصحي الذي تجره هذه الشيشة الخبيثة على نفسه وأولاده ومن حوله.
الوقفة الثانية: كان للحلقة لقاء مع أحد المسئولين عن الخدمات العامة في أمانة مدينة الرياض كالحدائق والمنتزهات، ووجه مقدم الحلقة له عدة أسئلة حول نظام منع استخدام الشيشة والمعسل في الحدائق ونظافة دورات المياه وصيانتها، وجاء الجواب كالمتبع في مثل هذه الحالة بأن الأمانة حريصة على تطبيق الأنظمة في الحدائق العامة وأنه يمنع منعاً باتاً استخدام الشيشة في الحدائق، ومن يخالف النظام يعاقب بغرامة (200) ريال، وأما تدني مستوى النظافة والصيانة في دورات المياه راجع إلى عدم وجود الوعي من المتنزهين وعدم القدرة على تغطية كل الحدائق بالمراقبين نظراً لكثرتها. فأقول باختصار: (من أمن العقوبة أساء الأدب) فلو سألنا سعادته عن عدد الحالات التي قُبض عليها بسبب مخالفة النظام بشرب الشيشة في الحدائق والأماكن العامة، ولكن كما قال أحد المداخلين في الحلقة (ترك الحبل على الغارب)، وهل (200) ريال - لو فعلت - غرامة كافية لردع هؤلاء الخارقين للنظام.
وقد أثبت الطبيب الذي استضافه البرنامج ضرر تلك الشيشة وما يتطاير منها من دخان على شاربها ومن حوله من الناس وبخاصة الأطفال، وما الذي يمنع أن يكون في كل حديقة عامة برج مراقبة تابع للأمانة للحد من السلوكيات الخاطئة وتلقي الشكاوى، وليست المقاهي التي تعج بها المدن عن ذلك ببعيد.
الوقفة الثالثة: تناول أحد المداخلين في البرنامج هذا الموضوع مبيناً أن انتشار هذه العادة السيئة في حدائقنا وأسواقنا سهولة الحصول عليها من المحلات التجارية فالدخان والشيشة يحتلان المكان البارز من المحل من باب الدعاية والإعلان لجلب الزبائن، وقد نسي أن محلات بيع الشيشة والجراك ذات رخص ومحلات مستقلة، أين هذا من قاعدة (الضرر يزال)؟ وقد انعقد إجماع الخاصة والعامة ومنهم الأطباء على ضرر الشيشة والجراك على الصحة العامة. وتعاطي هذه الأشياء الضارة فهو قتل بطيء للنفس.
نتمنى أن يجيء اليوم الذي نجد فيه حدائقنا ومنتزهاتنا وما فيها من خدمات في مستوى يليق بما عليه بلادنا من تقدم حضاري في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - التي بذلت الغالي والنفيس في سبيل الرقي بهذه البلاد، ولم تدخر وسعاً في البذل والعطاء في كل ما من شأنه تحقيق المصلحة العامة لهذا الوطن العزيز، ولكن تبقى أمانة المسئول والمواطن في التنفيذ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
- المعهد العالي للقضاء