كما هو معروف عند المتخصصين في التربية الخاصة أن الصعوبات التي قد يواجهها بعض الطلاب في التعلم ليست ناشئة عن إعاقة بالمفهوم العام ولا حتى مشكلة عقلية على وجه الخصوص، وإنما تعتبر حالة يُظْهر من خلالها هذا الطالب أو ذاك مشكلة أو أكثر في أحد الجوانب الأساسية للتعلم؛ فتظهر لديه بعض الإشكاليات في:
- القدرة على استخدام اللغة أو فهمها.
- القدرة على الإصغاء أو التفكير أو الكلام.
- القدرة على العمليات الحسابية أو القراءة أو الكتابة.
وقد تظهر هذه المشاكل مجتمعة، وقد تظهر منفردة, وقد يكون لدى الطفل مشكلة في اثنتَيْن أو ثلاث منها؛ لأن صعوبات التعلم تعني أن هناك مشكلة في التحصيل الدراسي الأكاديمي, عطفاً على ما هو متوقع منه, وكذلك قياساً على سِنِّه وأقرانه في المرحلة والصف الدراسي نفسيهما، ويكون هذا الخلل في المواد الأساسية (الكتابة أو القراءة أو الرياضيات)، وغالباً يسبق ذلك مؤشرات في تعلم اللغة الشفوية المحكية؛ فيُظهر الطفل تأخراً في اكتساب اللغة, وغالباً يكون ذلك مصحوباً مع مشاكل نطقية (اضطرابات في النطق)، وينتج ذلك من صعوبات مع الرموز.
والسبب الذي يقف وراء كل ذلك هو طبيعة اللغات؛ لأن أي لغة هي عبارة عن مجموعة من الرموز من أصوات كلامية ومن ثم حروف هجائية متفق عليها بين متحدثي هذه اللغة التي يستخدمها المتحدث أو الكاتب لنَقْل معلومة أو غيرها إلى المستقبِل؛ فيقوم هذا المستقبِل بتحليل هذه الرموز ثم يفهم المراد مما سمعه أو قرأه، فإذا حدث خلل أو صعوبة في فَهْم الرسالة بدون وجود سبب لذلك من مشاكل سمعية أو انخفاض القدرات الذهنية فإن ذلك يتم إرجاعه إلى كونه صعوبة في تعلم هذه الرموز، وهو ما نطلق عليه صعوبات التعلم.
إذاً الشرط الأساسي لتشخيص صعوبات التعلم هو وجود تأخر ملحوظ مثل الحصول على معدل أقل ممن هم في سن الطفل، مع عدم وجود سبب عضوي أو ذهني لهذا التأخر؛ فذوو صعوبات التعلم تكون قدراتهم الذهنية طبيعية, وطالما أن الطفل لا توجد لديه مشكلة في القراءة أو الكتابة، وإنما قد يكون السبب أنه بحاجة لتدريب أكثر حتى تصبح قدراته أفضل، وربما يعود ذلك إلى مشكلة مدرسية، كما يمكن أن يكون جزءاً من المشكلة الفروق الفردية في القدرات الشخصية؛ فقد يكون الشخص أفضل في الرياضيات منه في القراءة أو العكس, ويعتقد أن ذلك يرجع إلى صعوبات في عمليات الإدراك نتيجة خلل بسيط في أداء الدماغ، بمعنى أن صعوبات التعلم لا تعود إلى إعاقة في القدرات السمعية أو البصرية أو الحركية أو الانفعالية أو الذهنية لدى الفرد الذي لديه صعوبات في التعلم, ولكنها تظهر في صعوبات أداء هذه الوظيفة كما هو متوقع.
إن ذوي الإعاقات السابقة يُظهرون صعوبات في التعلم، وهنا نتحدث عن صعوبات تحصيل أقل مما هو متوقع من متوسط أقرانهم وهم في العمر والظروف الاجتماعية والاقتصادية والصحية نفسها.
فالدراسات تتحدث عن إمكانية ظهور مثل هذه الصعوبات في التعلم وما يصاحبها من انخفاض ملحوظ في مستوى التحصيل الدراسي حيث تظهر لدى البعض من الطلاب (الفئات الخاصة) تأخراً في المهارات الدراسية كالقراءة والكتابة والرياضيات.
هنا يعتبر هذا التأخر في هذه المهارات عند هذه الفئة منطقياً؛ لأنه سيكون ناتجاً من ظروف الإعاقة وما يصاحبها.
وتشخيص صعوبات التعلم قد لا يظهر إلا بعد دخول الطفل المدرسة؛ حيث يتم التعرف عليها أولاً عن طريق معلم الصف, الذي يباشر المواد الأساسية؛ فيلاحظ وجود مشكلة أكاديمية ما لدى الطالب, كذلك يشترك معه معلم صعوبات التعلم (معلم التربية الخاصة)، الذي يقارن من خلال السجلات والنتائج للطالب، ثم يقوم بإجراء المقاييس (اختبارات تشخيصية) اللازمة لتحديد نوع المشكلة، ثم يعمد إلى تصميم برنامج دراسي مناسب وخطة تربوية فردية يتم تنفيذها عبر غرفة المصادر بالمدرسة بالتعاون مع الصف الدراسي والبيت وفق ما أصبح متعارفاً عليه الآن ببرامج صعوبات التعلم التي أثبتت نجاحاً مذهلاً في علاج الكثير من مشاكل الطلاب في التعلم.
أخصائي التربية الخاصة