إحصائية مقلقة نقلتها وسائل الإعلام. حالة طلاق واحدة كل ست دقائق في السعودية. وهذا يعني حدوث عشر حالات طلاق كل ساعة ومائتان وأربعون حالة في اليوم. وسبعة آلاف ومائتان في الشهر. أي أن الإجمالي لعدد حالات الطلاق يبلغ في السنة الواحدة ست وثمانين ألف وأربعمائة وفقا لتلك الإحصائية.
لغة الأرقام الآنفة مربكة ومفزعة لكنها بليغة ومعبرة عن واقع محزن وجروح مؤلمة. لغة تعبرعن خلل اجتماعي واضح المعالم تظهر تفاصيله في نتائج زيجات غير موفقة وراء فشلها أسباب وعوامل متشابكة لا يمكن فصلها ولا تحييد بعضها هذه الحالات قد تبدو خليطا من زيجات بمسميات مختلفة يدخل ضمنها المسيار والمسفار وزواج الصغيرات وهي أنواع أفرزت للمجتمع نتاجات في هيئة مشكلات مضافة لجملة مشكلات أخرى يغرق في بحورها المجتمع بأسره.
ضحالة ثقافة الزواج والحياة الزوجية وتكوين الأسرة وتحمل المسئوليات الجديدة ونوعية العلاقات التبادلية بين الزوجين أسباب جوهرية في تزايد حالات الطلاق قد يضاف لها أسباب أخرى أدت إلى فشل أطراف كثيرة في توثيق عرى هذا الارتباط المقدس.
رغم أننا في القرن الحادي والعشرين إلا أن هناك من لا يزال يعيش في الماضي فلا يمكن المتقدم للزواج من أبسط الحقوق التي أوجبها الدين الإسلامي. تفاجأ بمن يرفض النظرة الشرعية وأن سمح بها وتفضل فبلمحة لا تغني وبعض الآباء يماطل في تزويج ابنته حتى ولو جاءه «خطيب لقطة» فيه كل المواصفات وإذا أحس الأهل بتأنيب الضمير وصحوته من غفوته بعد فوات الأوان زوجوها لأي طارق لباب منزلهم غاضين طرفهم عن سنه ولو كان في عمر جدها أو «منتّف» لا يحمل في جيبه ريالا واحدا جاء وعينه على راتب البنت المسكينة.
إذا حدث خلاف فسيدور حول تلك العيوب الشرعية في الزوج أو الزوجة. عائلات مرموقة تستغرب من تغاضيهم عن أهم خطوة في مسألة الزواج وهي عملية الاختيار يصرفون جل اهتمامهم فقط إلى تفاصيل حفلة الزواج والبحث عن أفضل فندق أو قصر لإقامته ودعوة الجموع الغفيرة لحضوره.
قد تكون بعض الأسباب خفية وغير شائعة فبنات صغار في السن تتراوح أعمارهن بين السادسة عشرة والعشرين تطلق إحداهن من شاب غير مسئول لأنها ما أعجبت حضرته وما دخلت مزاجه فهو يريدها ممشوقة القوام مثل اللي يشوفهم في الأفلام و»الكليبات». ولا «جت» طبق مواصفاته الفريدة بيضاء اللون خضراء العينين ذات شعر حريري أخاذ وكأنه ذاهب لشراء سلعة لا زوجه تشاركه هموم الحياة وأعباءها وحلو الزمان ومرّه. حامل لثقافة متخلفة لا ترى من المرأة إلا جسدها أما فكرها وروحها وأخلاقها وحسن تدبيرها فهي أمور غير هامة في نظره.
بعض الشباب يزوجه والده لأنه أعياه بسوء أخلاقه على أمل أن يعقل و»يركد» ويصير رجل لكنه للأسف خرج من عهدة الأهل وطاح في كبد بنت الحلال ليحول حياتها إلى جحيم. في حالات أخرى قد تكون البنت من تسببت في طلاقها كونها تزف لبيت عريسها لا تحسن شيئا وغير قادرة على التصرف إما حمقاء أو عصبية تثور لأتفه الأسباب!
موضوع الطلاق ليس طارئا فهو قدر مقدر في كل المجتمعات مع تفاوت نسبي يأتي لصالح المجتمعات الأكثر وعيا. الجديد الذي يصافحنا دائما في مجتمعنا ارتفاع نسبته كل سنة. إنه ببساطة مسألة اجتماعية محضة.
shlash2010@hotmail.com