المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»
ضيفنا أستاذ قدير من أساتذة الأدب والنقد العربي وأحد الشخصيات المهتمة بالمخطوطات وتحقيق التراث حيث حقق العشرات من كتب التراث, وهو عضو في العديد من الجمعيات العلمية ومراكز البحوث والمجلات الثقافية والأدبية المتخصصة، وشارك في العديد من الندوات العلمية والمحاضرات في داخل المملكة وخارجها، حاز على جائزة الملك فيصل العالمية في مجال دراسات اللغة العربية.
وخلال مشاركته وحضوره للملتقى الأول لخطاطي المصحف الشريف في العالم الذي نظمه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كانت فرصة للقائه رغم حرصه على عدم تفويت الفرصة في لقاء الباحثين من العلماء والمختصين ومناقشتهم وسؤالهم فيما يخص المخطوطات وكتب التراث.
من خلال عنايتكم واهتمامكم بالمخطوطات دراسة وتحقيقاً كيف ترى العناية بمخطوطات القرآن الكريم في العالم الإسلامي بوجه عام والمملكة بوجه خاص، وهل تم اطلاعكم على جهود «مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف» في هذا المجال؟
- أنا أعتني بالمخطوطات الأدبية والنقدية ولذلك فإن حكمي على المخطوطات القرآنية ضئيل جداً، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، أما جهود المجمع فيشهد لها الغائب قبل الحاضر وشهادتي نقطة ماء في بحر.
ألا يرى سعادتكم أهمية قيام جمعية سعودية تعني بالمخطوطات أسوة بالجمعيات العلمية التي تم إشهارها مؤخرا في بلادنا؟
- بل أجزم بضرورة ذلك. وقد قدمت مشروعاً متكاملا لمعالي وزير التعليم العالي بطلب الموافقة على إنشاء مركز علمي عربي لتحقيق التراث يستقطب كل ما يحقق في العالم العربي ويقوم بنشره عمله ولا أشك أن معاليه مهتم جداً بتنفيذ هذا المشروع. ولعله يرى النور هذا العام إن شاء الله.
مجمع اللغة العربية في المملكة العربية السعودية أمل طال انتظاره، ما رؤيتكم لهذا المجمع عند قيامه؟
- مجمع اللغة العربية في المملكة له قصة يطول شرحها. ولكن الله قيض للمملكة ما سيكون بديلاً عن المجمع فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين رعاه الله أمراً ملكياً صدر به مرسوم من مجلس الوزراء بإنشاء مركز اسمه «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية» وهو يخدم اللغة في كل الدول العربية والإسلامية، ومجلس الأمناء ممثل من أغلب تلك الدول والعبد الفقير أحد أعضاء هذا المجلس أما رئيسه فهو شيخ النقاد في الأدب القديم في المملكة الأستاذ الدكتور محمد الهدلق. وقد عقد المركز أول جلسة له برئاسة معالي وزير التعليم العالي وسيكون للمركز فروع في بعض الدول العربية والإسلامية، وهذا سبق علمي يحسب للمملكة.
على الرغم من اهتمامكم بالمخطوطات والتراث إلا أن الدكتور عبدالعزيز المانع كان صامتاً أمام موجة الحداثة التي كانت حاضرة في العقدين الماضيين؟
- صدقت أنا صامت أمام موجة الحداثة لأني لا أعارضها ولا أؤيدها فهي منحنى آخر من مناحي الثقافة العربية ولها الحق في البقاء إن استطاعت أو الزوال إن ترهلت. ولا ينبغي الحجر على أي منحنى من مناحي العلم مهما كان اتجاهه ما لم يخالف المعتقد الديني.
هناك من يرى أن النشر على المستوى الفردي والمؤسسي لم يواكب الإنتاج العلمي للأدباء والباحثين السعوديين ما صحة هذا الاتهام وما مقترحاتكم في المساهمة بنشر الكتاب السعودي خارجياً؟
- بل أرى أن الإنتاج العلمي للأدباء السعوديين في السنوات الأخيرة - رجالاً ونساءً - واكب مستوى النشر الفردي والمؤسسي، وخاصة في القصة والرواية ويكفي أن نرى اثنين يفوزان بجائزة عالمية وهي جائزة البوكر.
أحدهما ذكر وهو الأستاذ عبده خال والأخرى الأديبة رجاء عالم. نحن يا سيدنا سبقنا كثيراً من البلاد العربية في النشر العلمي والإبداع وننشر داخل المملكة وخارجها وهذا هو السبيل الوحيد لانتشار اسمنا العلمي في كل مكان، إن أردنا حقا الانتشار العلمي.
كيف ترون مستقبل القراءة والكتاب مع الجيل الجديد مع وجود المغريات التقنية الأخرى وهل أصبحت التقنية عبئاً على العلم والمعرفة أم أنها أصبحت وسيلة مساعدة في المعرفة؟
- الجيل الجديد شغله أمران بل قل شُغل بأمرين: الحاسب الآلي وكرة القدم، ولو هيأ الله لهم من وجههم للقراءة في أول مراحل دراساتهم الابتدائية لتفوقوا في القراءة العلمية والكتابة الأدبية.
أما التقنية في حد ذاتها فهي كغيرها سلاح ذو حدين لكن دون شك خيرها أعظم كثيراً من شرها.
نعود بكم مرة أخرى إلى المخطوطات، هل يرى سعادتكم أن الرسائل العلمية التي حققت المخطوطات لبحوث لنيل الماجستير والدكتوراه قد خدمت التراث العلمي وأحيته أم أنها كانت دراسات قاصرة؟
- ما حقق من مخطوطات في موضوعات مختلفة لرسائل علمية عمل جيد ولكن مشكلته الكبرى أن بعض أصحاب هذه الرسائل عندما يحصلون على الشهادة يحفظون رسائلهم في الأدراج فلا أحد يستفيد منها وهذا جهد لا نَفَعَ صاحبه علمياً ولا نَفَعَ غيره.
يعاني بعض الباحثين من تعنت القائمين على المؤسسات العلمية وحجرهم على المخطوطات المتوافرة لديهم وحجبها عن الباحثين وعدم تمكينهم من تصويرها؟ كيف تقوم هذه السلبية لدى بعض المؤسسات مقابل التسهيلات التي تقوم للباحثين في الخارج؟
- هذا كان صحيحاً في الماضي أما الآن فقد بدأ الانفراج السريع نحو تسهيل الحصول على المخطوطات في وقت قصير، أعطيك مثالاً: جامعة الملك سعود - مثلاً- وضعت مخطوطاتها على بوابة الجامعة ويستطيع أي باحث أن يحصل على المخطوط من خلال فتح الحاسب على تلك البوابة والحصول على ما يريد.
يمثل كرسي د. عبد العزيز المانع الذي أنشأته جامعة الملك سعود تقديراً لأحد منسوبيها يعد فوزه بجائزة الملك فيصل سبقاً محسوباً للجامعة إلا أن الكرسي لم نسمع له نتاج علمي فهل هذا صحيح أم أن الإعلام لم يواكب جهود الكرسي ونتاجه؟
- كرسي العبد الفقير المانع يعمل عملاً طيباً ولكن النتائج لا تخرج في يوم أو شهر أو سنة أعطيك أمثلة لما قدمه الكرسي:
أ- عندما بدأ الكرسي عمله كانت مكتبة الجامعة تملك من المخطوطات ما يزيد قليلاً على عشرين ألف مخطوط جمعتها خلال خمسين عاماً، وعندما بدأ الكرسي رفع العدد في ثلاث سنوات إلى ما يقرب من تسعين ألف مخطوط ودون أن يكلف الجامعة ريالا واحداً.
ب- ينشر الكرسي خلال الشهرين القادمين سبعة كتب في عشرة أجزاء.
ج- أقام الكرسي العديد من الندوات لا يحضرني عددها.
د- يقيم الكرسي بالاشتراك مع النادي الأدبي دورات تثقيفية في المخطوطات وكتابة القصة والمقالة وعروض الشعر والقراءة وغير ذلك.
هـ - دعا الكرسي من داخل الجامعة وخارجها وخارج المملكة أساتذة علماء أجلاء لإلقاء محاضرات علمية.
و - يشرف الكرسي على مشاريع كبيرة مثل موسوعة معالي الأستاذ الدكتور أحمد الضبيب عن: نشر التراث العربي في المملكة العربية السعودية، وهي موسوعة تقع في خمسة أجزاء أو ستة، كما يشرف على مشروع الدكتور سليمان الذبيب عن اللغة العربية الثمودية: جمع وترجمة،كذلك يشرف على مشروع العبد الفقير عن «رحلة هروب المتنبي من مصر إلى الكوفة» مع فريق كبير تشرك فيه المساحة العسكرية بالمملكة وإمارة الجوف - رعاهما الله - والمشروع له الآن أكثر من ثلاث سنوات لأنه يحتاج إلى التنقل بالسيارات والطائرات والجمال والخيول ثم رسم الخرائط والإحداثيات وكتابة البحوث وهذا عمل ليس سهلاً أخي الكريم ماذا تريد من الكرسي وصاحبه وسكرتيره أن يعمل أكثر من هذا؟ شكراً جزيلاً والمعذرة إن قصرت في الإجابة فهذا جهد المقل.