Friday  20/05/2011/2011 Issue 14113

الجمعة 17 جمادى الآخرة 1432  العدد  14113

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

شعب يرفع الرأس
د. عبدالله بن صالح العريني

رجوع

 

خرج الشعب السعودي ظافراً في امتحان المراهنات التي راهنت على تفرقه، وضعف انتمائه لقيادته، وقد سارت تلك المراهنات بعيداً في توقعاتها الخيالية، البعيدة عن الواقع.

أثبت الشعب السعودي أنه شعب ولا كل الشعوب، وأنه متمسك بدينه وعقيدته.. أثبت أنه جواد رابح في مجال الخير، وفارس لا يترجل في مجال البنا لا الهدم، والتلاحم لا التفرق.

أثبت انتماءه لقيادته واعتزازه بها.

أثبت تماسكه وتلاحمه.

أثبت وعيه وقراءته الصحيحة للأخطار التي تحدق به.

تحدث خادم الحرمين الشريفين إلى الشعب، تعلو وجهه ابتسامة الظفر، وهو يرى شعبه معه قلباً وقالباً، روحاً وجسداً، عاطفة وفكراً.

قال الملك مخاطباً أبناءه وبناته: (كم أنا فخور بكم.. والمفردات والمعاني تعجز عن وصفكم.. أقوى ذلك ليشهد التاريخ.. وتكتب الأقلام.. وتحفظ الذاكرة الوطنية بأنكم بعدالته صمام الأمان لوحدة هذا الوطن).

سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز - أعزه الله ورعاه - الرجل القوي الأمين الذي يحمل عبء الأمن والأمان في الوطن، الرجل الذي كان في الخط الأول في هذا الامتحان، ظل ولا يزال عيناً ساهرة لهذا الوطن الغالي، وفي بلاد كثيرة يبدو وزير الداخلية متجهماً عنيفاً متسلطاً، وعكس ذلك الأمير نايف الذي يتعامل بحكمة، وهدوء بالغين، وينال باللطف ما يعجز نظراؤه أن ينالوه بالعنف، ويحقق بالصدق، وسداد الرأي ما يجعل الأزمات شيئاً يسيراً أمام حكمته وبعد نظره، وسلامة نيته.

بعدما أظهره الشعب السعودي في جمعة الوفاء والولاء أكد سمو الأمير نايف أن الشعب السعودي شعب كريم، ووفي، متخلق بأخلاق الإسلام بما أمره الله به، وبما علمه به رسوله صلى الله عليه وسلم وقال - بالحرف الواحد - نعم أهنئ قيادة هذا الوطن بشعبه رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً على وقفتهم الأبية الكريمة الوفية.

وحينما نتحدث عن القيادة في بلادنا وإنسانيتها يدفعنا الحديث إلى صقر الجزيرة وفارسها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ولن نذكر هنا بطولته الحربية التي لا تنكر، وقدراته القيادية التي لا تجحد، لكننا نذكر أنه بالرغم من التحديات الكبرى المصاعب التي قابلته أن ظل إنساناً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، لا يغتر بقوة، ولا يزهو بمنصب، ولا يبخل بعطاء، ولا يمن بهبة، بل يردد دائماً وأبداً أن الفضل لله أولاً وآخراً، ومما يدل على ذلك هذه الحادثة الرائعة التي تشف عن تلك النفسية المحببة التي فرشت له الود في صدور الرجال.

كما في قصة الدوي الذي جلس مع الملك عبدالعزيز فأعطاه صرة نقود فشكره وعرف البدوي أنه أمام الملك عبدالعزيز صمت الملك قليلاً ثم قال له: وكيف عرفت أني هو؟

- لا أحد يعطي مثل كرمك.

ومضى الرجل وحينما استقر الملك عبدالعزيز في مكانه من السيارة قال للسائق أتدري الصرة التي أعطيتها للراعي بها الجنيهات الذهبية وظننتها ريالات فضية! وطلب أن ينادي البدوي وحينما جاء البدوي للملك عبدالعزيز ظن أنه سوف يأخذ منه الجنيهات الذهبية فلما رآه الملك عبدالعزيز طمأنه وقال:

أردت أن أخبرك يا ولدي بأمر.

فقال الراعي البدوي:

سم طال عمرك ما تأمر به أنفذه.

فقال الملك عبدالعزيز أردت أن أعطيك ريالات فضية فوهبك الله الذهب، وقد رأيت أن كرم الله أعظم من كرم البشر.

فأثلج قلب الراعي وانشرح صدره وتهللت أساريره بعد أن ظن أنه ستؤخذ منه الجنيهات.

الذين علت وجوههم علامات الدهشة والاستغراب يوم وقف الشعب مع مليكه، هؤلاء لا يعرفون الشعب السعودي على حقيقته.

لا يعرفون معنى أن الشعب وضع يده في يد قائده يبايعه، وهو يعرف ما تعنيه هذه البيعة، وأن زوال الرواح أسهل بكثير من نزع يدٍ في طاعة، وأن الذي دعا إلى تلك المظاهرات هو بنفسه قدَّم الدَّنيَّة في دينه، ورضي بالذل، وأنه أراد أن يتلوث الناس بمثل ما تلوث به.

أنعم الله تعالى علينا بولاة (منَّا وفينا) نعرفهم منذ عقود طويلة من الزمان، لم يتغيروا على شعوبهم، ولم تتغير شعوبهم عليهم.

عرف الشعب السعودي بأنه يساق من خلال ذلك الشغب إلى مستقبل أسود، عرف ذلك حقيقة فما انطلت عليه الدعوات، ولا استفزته الإثارة التي لا تصمد أمام منطق ولا عقل ولا دين.

إن جمعة الولاء والوفاء قد ساقها الله تعالى كرامة منه وفضلا على القيادة والشعب على السواء وهي تقول للمتربصين لقد منحتمونا فرصة ذهبية لنثبت الوفاء ونجدد الولاء.

إنها الفضيلة التي أراد الله نشرها فقيَّض لها لسان حسود.

وإذا أراد الله نشر فضـيلة

طويت أتاح لها لسان حسود

لولا اشتعال النار في جزل الغضى

ما كان يعرف طيب عرف العود

أبناء هذا الوطن شباب بقوتهم وحيويتهم ونشاطهم، لكنهم كهول وشيوخ في عقولهم وتفكيرهم وآرائهم.

وهذا القول ليس فيه مبالغة فوعيهم والتفافهم حول قيادتهم والتزامهم بفتاوى علمائهم أكبر دليل على ذلك وهو الذي -بعد الله تعالى- حماهم من الانحراف.

إن ارتباطهم بقيادتهم ليس موقفاً سياسياً، ولا انفعالاً مؤقتاً، إنه قبل كل شيء ديانة يدينون الله بها، ويعلمون أنه سائلهم لا محالة عن البيعة التي بايعوها والميثاق الغليظ الذي التزموا به وإن الإصغاء إلى النعرات والدعوات المشبوهة لا تزيد الأمور إلا صعوبة، ولا المشكلات إلا تعقيداً، ولا الأزمات إلا انفجاراً.

وينكشف المعدن الأصيل لهذا الشعب ويتأكد صحة مثلنا الشعبي (عروق الطيب تطيب) يتأكد تماماً أن التمسك بديننا هو الأولوية المطلقة التي عصمت هذا الشعب اليوم، وستعصمه إن شاء الله في الغد.

وإن تمسك القيادة والشعب بهذا الدين يزداد رسوخاً فهو أساس الحياة الآمنة المطمئنة وبزواله تزول تلك الحياة، ويتبدل بالأمن الخوف، وبالشبع الجوع، وبالاتفاق الاختلاف، وبالعزة الذلة، وبالتعاون التنازع، وكلها مفردات متقابلة في معادلة الحياة لا تقوم واحدة إلا على أنقاض الأخرى.

بالبعد عن الدين استدرجت الدول والشعوب إلى خصام نكد حطم كل مشاريع النمو والتطور والحياة الكريمة في تلك الدول.

سيدي خادم الحرمين الشريفين منذ اليوم الذي وقفت أمام الشعب تقول لأفراده كلهم: (أعاهدكم أن أجعل القرآن دستوري) منذ ذلك اليوم ونحن نرى أن حبك وطاعتك أمر شرعي لا تبرأ الذمة إلا بأدائه فلتقر عينا، ولتطب نفساً بشعبك وأبنائك، وكل واحد يقول (عسى يومي قبل يومك).

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة