تتسم الاختلالات الذهانية وتتميز بالانسحاب من الواقع، وباضطراب الملاءمة الانفعالية، وبالغريب من الكلام والأفكار والحركات، ويعد الفصام أحد الصور المرضية لهذه الأعراض والاختلالات، وله صور كثيرة، ومن أكثر تلك الصور شدة وخطورة وتعقيداً، أنواع ثلاثة، الهيبيفريني hebephrenic، والبارانويدي paranoid، والكتاتوني catatonic، وكل هذه الأنواع تشترك في خصائص من أهمها:
- الاستخفاء والانسحاب، أي أن المريض لا يهتم بالبيئة الاجتماعية المحيطة به، ولا بما يحيط بها من ظروف وملابسات مهما كانت خطورتها.
يرى الصور المرعبة للقتل والتمثيل بالجثث وحرقها ولا يأبه بذلك، ولا يهتز له شعور أو وجدان، وغالبا ما يلجأ إلى الانزواء والبعد عن المواجهة المباشرة والاكتفاء بالاختباء خلف أقنعة مزيفة من إظهار القدرة والقوة.
- اضطراب الانفعالات، أي عدم ملاءمة الحالة الانفعالية ونغمتها، مع الظروف المحيطة، فقد تكون الظروف صعبة وتحتاج إلى تهدئة وامتصاص غضب، وفي المقابل يتعمد المواجهة والتحدي والجهر بالشتائم والسب.
- التفكير الاجتراري، تطغى الأوهام على المريض وتشغل وقته وتصرفه عن الالتفات للواقع والاهتمام به.
تبقى الصور المصطنعة عن الماضي وأحيانا المبالغ فيها متصدرة الشعور، حيث تردد عبارات وكلمات تذكر بذاك الماضي المزعوم، والتي وإن صحت تظل في إطار خارج الواقع الحالي الذي لا يتوافق مع حالة الماضي.
- السلوك الغريب، يبدي المريض تصرفات غريبة مثيرة للضحك لما تعكسه من غريب الأوضاع والحركات.
ولغلبة التوتر، وللشحن النفسي الكبير، تفقد الحالة اتزانها وتوازنها، فتحصل منها حركات وألفاظ وعبارات تثير الضحك، لعدم منطقيتها ولعدم توافقها مع الموقف الذي يتطلب قدرًا من الوقار والهدوء، مثل تحريك الأيدي يمينا وشمالا وبشكل هستيري، النظر إلى السقف أثناء الحديث، الضرب بقبضة اليد على الطاولة بشكل عنيف.
- اضطراب الكلام، فالكلام هروبيا، الجمل غير مترابطة، (سلطة كلام).
ولكون الحدث أكبر من القدرة على التحمل، يبدو على الحالة التشويش الظاهر في الفكر والتفكير، مما يترتب عليه إطلاق الكثير من الكلام الذي يعد خارج السياق، والانتقال من وصف وضع ما إلى وصف وضع آخر على الرغم من عدم وجود رابط بينهما، مما يوقع السامع في حيرة من عدم القدرة على فهم المتحدث وتفهم أي سياقات يعني ويقصد.
- الهذاءات، وهي تعبير عن تضخيم الذات وتعظيمها واعتبارها الأكبر والأقدر.
غالبا ما تبالغ الحالة في وصف نفسها، حيث تطلق كلمات تبجيل، وعبارات تفخيم أكبر من حجم الحالة، ومآثرها، أنا المجد، أنا التأريخ، أنا الصخرة الصماء، أنا المقصود دونما بقية الناس الآخرين.
أما الماليخوليا فهي حالة تشبه حالة الخرف والهذيان التي تصيب الإنسان في آخر عمره، حالة الخرف في آخر العمر مفهومة متفهمة، لكن حالة الخرف والتخريف التي تصيب الإنسان هو في سن الرشد وسن الأشد، فتعد حالة ذهان مرضية، تصيب العقل بحالة من الضلالات الحادة التي يتعذر فهمها والتعامل معها.
ومما يدل على خطورة الحالة، أن المعالجة واجبة ولا تربط بموافقة المريض من عدمها، فلو رفض المريض أو أسرته العلاج، فإنه لا يلتفت لرفضهما، بل يلزم المريض أن يخضع للبرنامج العلاجي، هذا في حالة المريض على مستوى الأسرة الصغيرة، فما بالك بالمريض الذي يتحكم في رقاب مجتمع كامل ومقدراته، إنه أمر خطير يوجب على المجتمع التدخل السريع لمنع الأذى والمخاطر والشرور التي تحيط بالبلاد والعباد.
ab.moa@hotmail.com