نحن والحمد لله في هذا الوطن مسلمون ومسالمون ولو سألت أياً منا ما هو أهم شيء لديك؟ فسوف تكون إجابته إنه (ديني).
إذاً ما دام الأمر كذلك فلماذا تصدر من بعضنا أحياناً تصرفات سواء قولية أو فعلية تتعارض مع ما هو أهم شيء
لدينا وهو ديننا الحنيف، ومن تلك التصرفات احتقار البعض منا للبعض الآخر إما بسبب شكله أو بسبب فقره أو بسبب نسبه أو بسبب ضآلة تعليمه أو بسبب تخصصه أو بسبب جنسه، أو بسبب قبيلته، أو بسبب مدينته أو محافظته أو بسبب عقيدته؟
فالإسلام الحنيف جاء بالمساواة المطلقة بين المسلمين وجعل (التقوى) هي المميز بين الناس، فكلما كان الإنسان المسلم أكثر تقوى كلما أصبح في الموقع الأفضل في المجتمع باعتبار أنه يحتل هذا الموقع عند المولى عز وجل: {يإِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات، إلا أن بعضنا لا يأخذ في الاعتبار بهذا المبدأ، فالبعض منا مثلاً عندما يتقدم لخطبة ابنته شخصاً مستقيماً وتقياً ومتعلماً يرفضه مفضلاً شخصاً آخر لا تتوفر لديه هذه السمات أو بعضها لسبب شخصي أو عادة متأصلة لا يمت أي منهما للدين بأي صلة حيث إنه قد يضحي بالمصلحة الأفضل لابنته في سبيل عادة بالية أو سبب غير منطقي، كما أن بعض الشعراء يقوم بكيل المدح والثناء لقبيلته أو أسرته لأسباب كثيرة منها أسباب ليست واقعية ويا ليته يكتفي بذلك بل إنه يقوم بتسفيه القبائل أو الأسر الأخرى وكأن قبيلته أو أسرته هي شعب الله المختار، والرجل الذي يبكي من خشية الله أو بسبب موقف إنساني استقطب عاطفته يقال له لماذا تبكي كالنساء وكأن البكاء خاص بالنساء فقط وهو أمر يعود للنظرة الدونية التي لا تزال موجودة من بعض فئات المجتمع للمرأة.
بل إن ثقافة الاحتقار وصلت إلى المستوى الإداري، فالمسؤول الذي يستقبل المراجعين الذين يقومون بزيارته من أجل متابعة موضوع لهم لديه ويقابلهم بوجه متجهم أو بأسلوب جاف كأن يقول لهم لماذا تتصرفون كالنساء فهذه ثقافة احتقار لعنصر مهم في المجتمع وهو المرأة التي كرمها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فجعلاها نصف المجتمع ففي القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات، وفي السنة الشريفة: (النساء شقائق الرجال) إذاً ما هو الموقف لو أن هؤلاء المراجعين قابلوا أحد المسؤولين وهم يبكون فماذا سيقول عنهم (الله يستر) والجهة المعنية بالتوظيف التي تستبعد أحد الأشخاص من الالتحاق بالوظيفة بسبب لونه أو قصر قامته يعتبر نوعاً من الإقصاء والاحتقار، بل إن هذا التصرف يحمل نوعاً من العنصرية ولعل تعديل نظام المطبوعات مؤخراً الذي وجه به ملك الإصلاح أيده الله بما يؤدي إلى عدم إثارة النعرات وبث الفرقة والإساءة الشخصية سوف يؤدي بإذن الله إلى الحد من سلبيات ثقافة الاحتقار وإقصاء الآخرين إضافة إلى ما هو مطلوب من المجتمع في هذا الصدد ومن ذلك ما يلي:
- نشر ثقافة الاحترام المتبادل كبديل لثقافة الإقصاء والاحتقار.
- الاستشعار بأن ثقافة الإقصاء والاحتقار تتعارض مع تعاليم الدين ومع القيم الإنسانية وتؤدي للإضرار بالمصلحة العامة للمجتمع.
- قيام المؤسسات الثقافية والحوارية بتبني عقد الندوات والمحاضرات التي تنبذ ثقافة الإقصاء والاحتقار وترسخ وحدة المجتمع وفق المبادئ الدينية والإنسانية، وتنشر الوعي الحضاري بين المواطنين.
- قيام المؤسسات التعليمية بترسيخ المبادئ الإنسانية الحضارية التي تقرها الشريعة في نفوس الطلاب والطالبات ومن ذلك مبادئ العدالة والمساواة والاحترام المتبادل التي تجسد حقوق الإنسان حتى يكون ذلك جزءاً من حياتهم وأمراً معتاداً لديهم.
asunaidi@mcs.gov.sa